إنه لمن دواعي الألم والحزن أننا مازلنا نسمع ونشاهد مزيدا من الضحايا الأبرياء يسقطون بفعل تفجيرات آثمة، تخطط لها أدمغة الغدر، وتنفذها أيدي الشر لتزرع الرعب والفزع وسط الآمنين الذين لا ذنب لهم ولا جريرة. إن الإرهاب الذي غير في أساليب وطرق القتل والتدمير لن يصل إلى نتيجة لأنه أصلا لا مشروع له ولا أهداف، وتنفيذه لهذه العمليات الانتحارية الإجرامية هو دليل عزله من قبل المجتمع، لأنه لا مبرر له خاصة بعد أن تبنى المجتمع برمته مشروع المصالحة الوطنية. ماذا بقي لهولاء الإرهابيين من حجج دينية أو قانونية أو سياسية، فعلماء الدين أجمعوا على أنه عمل خارج عن الإسلام، ومرتكبوه خوارج، الدين بريء مما يعملون، بل أجمعوا على أنهم مارقون، أساؤوا للإسلام وشوهوه، وأعطوا الذرائع للغرب كي ينعت ديننا الحنيف بأنه دين الإجرام والإرهاب، وأساؤوا للمسلمين في أنحاء المعمورة، فحوصروا وقهروا، وسلبت منهم حرياتهم وتعرضوا لكل أنواع الإهانات والمضايقات، وانقلبت الآية. وأما من الناحية السياسية، فالسؤال المطروح هو تحت أي غطاء ينشطون؟ وباسم من يقتلون؟ وماذا يريدون؟ ولماذا يستهدفون الشعب؟ أم هو مجرد انتقام لأن الشعب لا يمكن أن يدعم جماعات مارقة خارجة عن سلطة الدين وسلطة القانون؟! وأما من الناحية القانونية، فأي قانون شرعيا كان أم وضعيا يبيح قتل الناس غدرا من غير ما مبرر؟ وأي عرف من أعراف الأمم والشعوب حتى في زمن البدائية يتردى بأصحابه لهذه الدرجة من الإجرام؟ إن الألم ليزداد حقا عندما تنسب هذه الجرائم للإسلام دين الرحمة المهداة للعالمين، دين الرفق حتى بالحيوان، دين السلم والسلام، الدين الذي يزرع الحياة ويدعو إلى الأمل فيها، الدين الذي يعتبر أن هدم الكعبة أهون عند الله من أن يسفك دم امرئ مسلم. إنه لا مناص من أن يتجند كل مواطن غيور على دينه ووطنه من أجل إبطال هذه الظاهرة الغريبة على الإسلام وعلى مواطن الإسلام.