يتناول كتاب '' اللسانيات منطلقاتها النظرية و تعميقاتها المنهجية'' الصادر مؤخرا عن ديوان المطبوعات الجامعية لمعديه حنيفي بن ناصر ومختار لزعر إشكالية أزمة تحديد تلك المفاهيم والمصطلحات التي ظلت تتناولها الأقلام وتتلفظ بها الكثير من الألسن، على اختلاف تخصصاتها دون أن يوليها هؤلاء أدنى قيمة وتأمل في علاقة المفاهيم بواقعنا المعرفي والفلسفي، والذي لا يمكن الانسلاخ عنه. يوجه الكتاب الذي طبع في حجم متوسط ضمن 173 صفحة للقارئ العربي المتخصص في الاشتغال مثل هذا الحقل اللغوي اللساني، والذي يؤمن بان لهذه المفاهيم اللسانية دورا كبيرا في بناء واقع الثقافة العربية الإسلامية من جهة وواقع ثقافيتنا اللسانية المعاصرة من جهة أخرى. يقع الكتاب في ثلاثة فصول حيث يقدم أصحاب الإصدار في الفصل الأول من الدراسة تحت عنوان '' اللسان بين القييد والإطلاق'' الأبعاد المعريفة الكائنة في المدونة التراثية، لاسيما عند ورودها في واقع النص القرآني وسياقات أخرى ، الأمر الذي جعل معدي الدراسة يوليان الاهتمام البالغ للصفة الاطلاقية التي راح يتميز بها مصطلح '' اللسان'' وهي حقيقة بنى عليها بن صابر و لزعر تصوراتهما للسان وهو يتوسط بين التقييد والإطلاق. أما في الفصل الثاني فيركز المؤلف على محور '' اللغة بين اللسان والكلام'' حيث يحاول الاستاذان ضمن هذا الفصل إقامة حد فاصل لكل من مفهوم اللسان واللغة والكلام، محاولين تحديد أهم السياقات المعرفية التي جعلت البحث اللساني المعاصر يعطي لكل واحد منها حواليته التي يليق بها، والأبعاد التي لربما جعلت المؤلفين يتوقفان عن طريقها عند كثير من التناقضات، التي هي في أمس الحاجة لمن يزيل عنها مثل هذا التعارض، سواء على مستوى المفهوم أو المنهج المتبع. وخصص الفصل الثالث من المؤلف للحديث عن الرؤية العلمية للغة ضمن دراسة في '' مفهوم المصطلح '' . وفي هذا الفصل يحاول المؤلف أن يقدم رؤية موضوعية علمية بالنسبة للاطار العام، الذي ينشأ فيه كل من المفهوم والمصطلح، متبعين في ذلك مجموعة من التخريجات التي لامست الإشكال ولو من جانب واحد.