صدر، مؤخرا، عن دار الهدى ديوان لمحمد العيد آل خليفة الذي رافق شعره النهضة الجزائرية في جميع مراحلها وفي كل ناحية من نواحيها وفي كل طور من أطوارها وفي كل أثر من آثارها، فشعره لو جمع لاعتبر سجلا صادقا لهذه النهضة وعرضا رائعا لأطوارها. وضع مقدمة ديوان محمد العيد آل خليفة والذي يقع في 533 صفحة وزير التربية الوطنية السابق أحمد طالب الإبراهيمي الذي قال إن الوزارة وبعد الاستقلال مباشرة عقدت العزم على بعث تراث الجزائر ونشره وكان فاتحة ذلك هو نشر وطبع ديوان محمد العيد. ولقد خامرت هذه الأمنية، يقول الإبراهيمي، نفوس الكثير من رجال العلم والأدب والإصلاح بالجزائر فمات البعض منهم وفي نفوسهم حرقة وأسى عميق من عدم نشر هذا الديوان كون محمد العيد ساير نهضة الجزائر الحديثة وواكبها. يضم الديوان مختلف المواضيع حيث سمت نفس محمد العيد في العهد الأخير إلى الشعر الفلسفي وتظهر فيه عدة مقطوعات لزومية رائعة نشر القليل منها، نذكر على سبيل المثال ''وقفة على بحر الجزائر''، ''المرء في حقيقته المجردة،'' قوس قزح''، ''دمعة على القمر الخاسف'' وغيرها من الأشعار الفلسفية. كما عالج محمد العيد من خلال أشعاره مواضيع إسلامية وقومية مثل ''ذكرى المولد النبوي''، ''هيهات يخزى المسلمين''، ''الترحيب بالحجاج''، ''حزب مصلح''، بالإضافة إلى ذلك تطرق آل خليفة إلى مواضيع اجتماعية وسياسية وأخرى أخلاقية ويظهر ذلك من خلال كتاباته. إلى جانب ذلك عرج آل خليفة في كتاباته على أحداث تاريخية مثل قصيدة صوت جبهة التحرير الوطني، الوقفة العاشرة لفاتح نوفمبر، ذكرى الاستقلال وعيد النصر، ميلاد التحرير وغيرها من القصائد المؤرخة للثورة الجزائرية وأبطالها. بالإضافة إلى ذلك نجد في ديوان محمد العيد عدة قصائد رثائية مثل رثاء رشيد، إلى صديقي الجلالي، رثاء شاعر النيل حافظ إبراهيم وكذا قصائد عن الذكريات ويظهر ذلك من خلال ذكرى شاعرين، أهلا وسهلا بالأمير، فبشر يا ابن محي الدين، إلى جانب لوزوميات، إخوانيات، ألغاز وأناشيد نذكر منها نشيد كشافة الرجاء، نشيد كشافة الصباح، نشيد كشافة الإقبال، نشيد نساء الجزائر. للإشارة محمد العيد آل خليفة من محاميد سوف المعروفين بالمناصير من أولاد سوف، ولد في مدينة عين البيضاء بتاريخ 28 أوت 1904. بعد تلقي القرآن والدروس الابتدائية بمدرستها الحرة انتقل مع أسرته إلى بسكرة سنة 1918 وواصل دراسته بها، لينتقل بعدها أي في سنة 1921 إلى تونس ليدرس بجامع الزيتونة وعاد بعد سنتين إلى بسكرة حيث شارك في حركة الانبعاث الفكري بالتعليم والنشر في الصحف والمجلات، وفي سنة 1927 دعي إلى العاصمة للتعليم بمدرسة الشبيبة الإسلامية الحرة، ليعود بعد 13 سنة إلى بسكرة ثم انتقل إلى باتنة وبعدها إلى عين مليلة ليواصل مشواره التعليمي إلى أن ألقت السلطات الاستعمارية الفرنسية عليه القبض وأطلقت سراحه بعدما فرضت عليه الإقامة ببسكرة إلى أن فرج الله عليه وعلى الشعب الجزائري بالتحرير والاستقلال.