أكد المخرج العراقي جواد الأسدي، أن تجربة مسرح بابل التي أطلقها في بيروت منذ ثلاث سنوات وصلت إلى مأزق حقيقي بعدما بذل كل جهده في المشروع، ما دفعه إلى ''الكفر'' بالمعايير السائدة في الثقافة العربية، والتفكير في إنهاء هذه التجربة التي كان يطمح إلى أن تكون رائدة في المنطقة. وجاء اختيار الاسدي لبيروت، حسب ما أورده موقع ''سي ان ان''، بعد نجاحات عدة حصدها في أنحاء العالم على غرار باريس وروما والسويد وايرلندا ودول عربية كثيرة احتفت بهذا الفنان وكرمته لطابع أعماله التي تتسم بالبحث الجمالي والقرب من نبض الناس. إلا أن حبه لبيروت جعله يحط الرحال في قلب هذه المدينة، بشارع الحمراء، ظنا منه أن هذا المسرح سيتحول إلى نقطة جذب كبيرة لجمهور غفير. وعن اختياره لبيروت قال الأسدي ''اختياري لبيروت جاء ظنا مني بأنها سقف حرية مفتوح وبأن البحث الجمالي والمعرفي لخصوصية عروضي المسرحية سيجد صدى واسعا في نفوس الجمهور المتنوع اللبناني منه والعربي''. مضيفا أن الغريزة باتت المركز الأكثر قوة في خيارات اللبنانيين، والثقافة بمعناها الإشكالي والجمالي صارت بالنسبة لهم بمثابة متحف قديم، الأمر الذي يضع الحياة اللبنانية على سكة سوبر ماركت جديد ينأى شيئا فشيئا عن الدور الريادي المناط ببيروت كعاصمة حضارية لإطلاق واحتواء والدفاع عن التنوع الثقافي والمعرفي''. وحمّل الأسدي المؤسسات الرسمية مسؤولية تراجع الثقافة بسبب وضعها في أدنى سلم برامجها وموازناتها، مبرزا أن موازنات وزارات الثقافة العربية هي الأكثر بؤسا وضعفا. من جهة أخرى أوضح الاسدي أن المشهد الثقافي العربي يسير نحو حالات تراجع كبيرة، والنهوض الثقافي الإنساني حسبه يحتاج إلى وعي معرفي وتاريخي عند أصحاب القرار لاستدراك هذه الهزيمة المريعة في الثقافة العربية. وفي معرض حديثه دعا الأسدي الدول العربية إلى أن تحذو حذو أوروبا في مجال احتضان ودعم المشاريع الثقافية الخاصة والعامة التي تؤسس للتنمية الإنسانية. وعن شوقه إلى بغداد قال الأسدي ''في مناخ النزاعات الأصولية السياسية والدينية ونهوض الفكر العشائري أتوق إلى أن يستعيد العراقيون المنصة المدنية وأن يدرك حكامها وأهلها على اختلاف مرجعياتهم وأصولهم أن قدر العراق هو العودة إلى كونه بلاد الدساتير والتشريعات المدنية إلى بلاد الحضارات والملاحم الإنسانية العميقة''. مضيفا ''فالعراق يحتاج إلى حكماء وعقلاء يحسنون مضغ تاريخهم المشرق ويعيدون إطلاقه مرة أخرى''.