بحرص شديد ورغم الضغط الدولي الكبير تواصل باريس عمليات طرد وترحيل الغجر من فرنسا إلى رومانيا وبلغاريا، في وقت التجأ فيه الرئيس نيكولا ساركوزي المحتمي بعطلته الصيفية إلى الصمت، تاركا مهمة الرد على الانتقادات لوزرائه الأوفياء الذين تفننوا في إيجاد المبرارات لسياستهم العنصرية وصلت حد ربط صورة الغجري بكل ما هو سلبي والحديث بإسهاب عن التجائهم إلى السرقة والجريمة.. فرنسا تعلل ما تقوم به ضد الغجر بأنها عمليات ترحيل طوعية، وأن الأشخاص الذين يقبلون بالرحيل يتلقون مساعدة مالية تقدر ب 300 يورو، يمكنها أن تساعدهم على الاستقرار في رومانيا، فما الذي يمكن لهذا المبلغ الزهيد أن يحقق خصوصا وأن هؤلاء الغجر لا يعرفون رومانيا، وعاشوا طول وقتهم في فرنسا. وفي تعليقها على أوامر الطرد التي أصدرتها حكومة الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي قال رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا ميفلوت كافوسوغلو ''إن عمليات الإخلاء القسري لمخيمات الغجر في فرنسا وطردهم منها لم يكن بالتأكيد من بين التدابير المناسبة لتحسين وضع هذه الأقلية الضعيفة''، موضحا أنه ''من المرجح أن يؤدي هذا الإجراء ضد الغجر إلى تغذية مشاعر العنصرية ومعاداة الأجانب في أوروبا''، ورأى أن ''بعض الجماعات والحكومات توظف الأزمة المالية للاستفادة من المخاوف الناجمة عن اعتبار الغجر مجرمين، واختيارهم كبشا للفداء سهل المنال، كونهم من أكثر الجماعات ضعفا''.. إن ما يحدث لأقلية الغجر جعل الكثير من العرب والمسلمين الذين يعيشون في فرنسا تنتابهم حالة من قلق والتوتر، خاصة وأن الخطاب السليط لحكومة ساركوزي جعلهم في كثير من الأحيان محط تحقير بل جعل الكثير منهم يتساءل هل الضوء الأخضر الذي مُنح لطرد أقلية الغجر هي مقدمة لسياسة أمنية انتخابية سوف تشمل الأجانب سواء كانوا بلا أوراق وغيرهم؟ وهل العمليات ضد الغجر بداية لمقدمات أخرى؟ قرارات ساركوزي سواء في قضية البرقع والحجاب ونزع الجنسية وطرد الغجر، تجعله يلعب بالنار من حيث لا يدري وتجعله باعتراف أغلب الفرنسيين يسيء إلى وظيفة رئاسة الجمهورية ويسيء إلى فرنسا. كما أنه يساهم في خلق شرخ بين الفرنسيين أنفسهم وبين الفرنسيين والأجانب. فاندفاعه وإسرافه ليس سوى الدليل على فشله في الاستحقاقات الداخلية بعدما أدار ظهره لكل وعوده الانتخابية، إن لم يكن بسبب تنبؤ هؤلاء الغجر بمستقبل سيئ لساركوزي مع العرب وغير العرب فقرر فقأ الأعين التي قرأت كفه بما لا يعجبه..