كشفت دراسة أعدها معهد فوبرتال الألماني للطاقة والمناخ والبيئة أن مشاريع أوروبا لتوليد الكهرباء في شمال إفريقيا والشرق الأوسط لا تراعي مصالح البلدان المنتجة لهذه الطاقة بما فيه الكفاية، وأخذت الدراسة الجزائر نموذجا لذلك. وأظهرت الدراسة التي أخذت المشروع الأوروبي الضخم ''ديزرتيك'' وصحراء الجزائر كنموذجين تحت المجهر وجهات نظر مختلفة إزاء مدى استفادة الدول المنتجة من هذه المشاريع، وتبين أنها لا تراعي مصالح هذه البلدان المنتجة بشكل كاف. ويوضح الدكتور دانيل فالنتين، الباحث في المعهد ذاته، أن الجزائر لا تريد أن يكون مشروع ''ديزرتيك'' فقط عبارة عن شركات أوروبية تنشط في الجزائر بدون أن يستفيد الاقتصاد الجزائري من ذلك، بل تطمح إلى أن يساهم المشروع في نقل التكنولوجيا والمعرفة إليها وأن تستفيد هي الأخرى من بناء محطات لتوليد الطاقة، وحسب رأي فالنتين، فهذا هو السبب الرئيسي لتحفظ الجزائر تجاه مشروع ''ديزرتيك''. ويرجع تحفظ الجزائر أيضا إلى كون قطاع الطاقة في الجزائر يعتمد بشكل رئيسي على الغاز الطبيعي الذي تتوفر البلاد على احتياطات ضخمة منه، لكن الجزائر تدرك كذلك أن ثروتها من المحروقات ستنتهي في يوم ما، لذلك أقرت سنة 1999 قانونا يدعم إنتاج الطاقات المتجددة، غير أن هذا القانون لم يدخل حيز التنفيذ بعد، وهذا يحول دون تفعيل الإمكانات المتوفرة الآن في هذا المجال. ويرى معهد فوبرتال للطاقة والمناخ والبيئة أنه من الضروري أن تقوم مشاريع توليد الطاقة هذه على أساس التعاون والشراكة المتساوية بين الطرفين وأنه يجب مراعاة مصالح البلدان المنتجة لهذه الطاقة بشكل أقوى. ويتوقف نجاح مشروع ديزرتيك وما يشابهه من مشاريع توليد الطاقة الكبرى، حسب رأي فالنتين على قيام الجهات المعنية بمفاوضات جدية وعلى مدى نجاح هذه المفاوضات في التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف. ومن المهم أيضا أن يتم التوصل إلى اتفاقيات تناقش المسائل التقنية مثل البنية التحتية وشبكات نقل الكهرباء والشروط التي تضعها الدول المنتجة في هذا السياق. ويعد مشروع ''ديزرتيك'' الضخم من أهم هذه المشاريع التي لقت صدى واسعا لدى وسائل الإعلام في أوروبا وهو مشروع لقي تأييدا من قبل الاتحاد الأوروبي، ويسعى المشاركون فيه إلى استثمار أكثر من 450 مليار أورو في محطات كبرى للطاقة الشمسية في شمال إفريقيا لتلبية 15 بالمئة من حاجة أوربا من الكهرباء بحلول سنة ,2050 وأكد مؤسسو ديزرتيك في مناسبات عديدة أن مشروعهم سيفيد المنتجين والمستهلكين على حد سواء. وحسب المعلومات التي استسقتها الدراسة من وزارة الطاقة والمناجم فيتعلق بتعاملها مع مبادرة ''ديزرتيك''، فصرحت الوزارة أنها لا تعتبر مشروع ديزرتيك موجودا بشكل رسمي، وأرجع فالنتين موقف الجزائر هذا إلى عدم قيام ''ديزرتيك'' بمناقشة الموضوع مع الحكومة الجزائرية بشكل رسمي وعدم اتصالها بها، بيد أن الحكومة الجزائرية تريد أن يتم تبادل حقيقي قبل أن تعترف بديزرتيك كمبادرة حقيقية وتتقبلها.