من محاسن الصدف على البعض، وأسوئها ربما على البعض الآخر، أن يتصادف نيل السيدة هيام المفلح القادمة من المملكة العربية السعودية مباشرة إلى ستوكهولم، لاستلام الجائزة الدولية الخاصة بأحسن تحقيق صحفي حول داء السكري والتي نظمت منذ أسابيع هناك، مع فوز يمين الوسط الحاكم الرافض جملة وتفصيلا لارتداء البرقع في السويد.. ولكم أن تتصوروا تفاصيل ''الحدوثة''. حدث نال حصته من التحليل في خضم ما يحدث من أقاويل انطلقت كمجرد مخاوف، تحولت مع الوقت إلى استفتاءات عامة ومن ثم إلى قرارات حكومية تمنع ارتداء البرقع في الدول الأوروبية والتي كان لفرنسا ربما الدور الأكبر في إعطائها جرعة زائدة عن اللازم، فآخر استطلاع للرأي أشارت نتائجه إلى أن نحو 70 بالمائة من الفرنسيين أبدوا تأييدهم لمنع ارتداء البرقع، فيما عبر معظم الأوروبيين الذين شملهم ذات الاستطلاع عن موافقتهم أيضا لتبني قانون مماثل في بلدانهم لكن بنسب تقل عن الفرنسيين. صعود الحزب وتربعه على تصويتات الانتخابات البرلمانية، والذي قيل إنه عقد نوعا ما من المعادلة السياسية في البلاد، كان له أثره ليس فقط على طريقة الحكم في البلاد، ولكن أيضا على فعاليات مسابقة اختيار أحسن تحقيق صحفي حول داء السكري في العالم الذي تفوقت فيه وبجدارة السيدة السعودية المبرقعة هيام المفلح. ووسط حضور غفير، تعالت أصوات الدهشة لتزامن استلام المبرقعة هيام المفلح لأحسن جائزة إعلامية على الإطلاق، أمر أثار حفيظتنا، وشدنا للتعليق عليه، كوننا كنا ممثلين وسط ذاك الحضور الإعلامي الدولي بزميل لنا، ترشح لنيل نفس الجائزة، وبين ضحكات سيدات سويديات لمشهد المبرقعة هيام وهي تستلم جائزتها دون أن يرى وجهها واحد من الحضور، ظهر ضمنيا انبهار وإعجاب واسع لم يكن متوقعا بالسيدة المبرقعة. واتضح جليا أن أي قرار بمنع ارتداء البرقع بستوكهولم لو حدث وأن عمم، لن يكون فقط مهينا للمرأة التي تعودت على ارتداء الحجاب الذي يغطي وجهها، ولكنه سيساهم في تهميشها والتأثير سلبا عليها مثلما سبق وأن حدث مع بلدان أوروبية أخرى جعلت من ''البرقع'' قضيتها المحورية، وحظرت الحجاب طبقا لقوانين صارمة صودق عليها .. وعلى الرغم من القسوة التي تبديها بعض الدول تجاه قضية ارتداء البرقع، فإن السويد رغم كل شيء لم تر فيه مشكلا حقيقيا، على الأقل ليس بدرجة حدة ما قالته الزعيمة الدانماركية للحزب اليميني المتطرف: '' تخيل أن تبتسم لامرأة منقبة ولا تستطيع أن تحصل على الابتسامة منها، هذا غريب أن أتقبله لذلك لا أقبل امرأة واحدة ترتدي البرقع في الدنمارك'' ..