أحالت غرفة التحقيق في فرساي الفرنسية ملف الملياردير الجزائري رفيق عبد المؤمن خليفة المتواجد حاليا في أحد السجون البريطانية إلى المحاكمة، بتهمة الإفلاس واختلاس أموال، وهو الذي لازال مطلوبا من القضاء الجزائري وحكم عليه غيابيا بالسجن المؤبد. ونقلت أمس وكالة الأنباء الفرنسية عن مصادر قضائية تأكيدها إحالة رجل الأعمال الجزائري السابق رفيق خليفة المتهم بالإفلاس واختلاس أموال إلى محكمة الجنح في نانتير بضواحي باريس في الأول من شهر أكتوبر الجاري من قبل غرفة التحقيق في فرساي. وتأتي هذه الإحالة لتحقيقات وإجراءات سابقة باشرها القضاء الفرنسي، حيث كان خليفة قد أحيل في الثالث من مارس الماضي إلى محكمة نانتير بتهمة ارتكاب جنح مالية من قبل قاضي التحقيق قبل أن ترفع النيابة دعوى استئناف على هذا القرار بعد أيام. وأكدت غرفة التحقيق بفرساي مطلع جويلية الماضي صلاحية محكمة نانتير، معلنة موافقتها الملاحقات ضد رجل الأعمال السابق بتهمة الإفلاس واختلاس وتبييض أموال، وضد أحد عشر شخصا آخر منهم الزوجة السابقة لخليفة نادية عميروش ومندوبين عن شركات خليفة في فرنسا، إلا أنه مع بداية أكتوبر الجاري أخذت الغرفة برأي القاضية التي قررت إسقاط شبهات تورط بتبييض أموال. وحول هذه الإحالة، قال اوليفييه متزنر المحامي عن أحد الوسطاء واليزابيت ميزدونديو- كامو التي تمثل بنك الخليفة، أنهما ينويان الطعن في الحكم. وفتحت محكمة نانتير في نهاية عام 2003 تحقيقا جنائيا حول تهم ''خيانة الثقة والإفلاس باختلاس الأصول، والإفلاس من خلال إخفاء الحسابات، وتبييض الأموال من خلال عصابات منظمة''، وتشمل هذه التهم بيع سيارات تابعة لشركات الخليفة في ظروف مشكوك فيها، إضافة إلى مجموعة من الفيلات اشترتها شركة الخليفة للطيران بمدينة كان في جويلية 2002 بقيمة 37 مليون يورو، والتي تم بيعها بعد عام بسعر أقل من نصف ثمن الشراء. وكان المدعي العام لمحكمة نانتير قد رأى في نوفمبر 2009 أنه لا يمكن محاكمة الخليفة بالتهم الموجهة له، نظرا لعدم وجود أي مسؤولية معنوية له في فرنسا، كما رأى المدعي ذاته أن هذه التهم تصنف خارج نطاق اختصاص محكمة نانتير. وكان خليفة قد لجأ إلى المملكة المتحدة سنة 2003 وتم توقيفه بتاريخ 27 مارس 2007 على التراب البريطاني بموجب مذكرة توقيف أوروبية صادرة عن المحكمة الابتدائية بنانتير بالضاحية الباريسية وحكم على عبد المؤمن خليفة من طرف محكمة الجنايات بالبليدة بعقوبة السجن المؤبد بعد إدانته غيابيا لارتكابه عدة جرائم ذات الصلة بتسيير بنك آل خليفة، الأمر الذي دفع بالجزائر إلى تقديم طلب للندن لتسليمه. واستجابت لندن لهذا الطلب في 28 أفريل الماضي من خلال إصدار أمر بتسليم عبد المؤمن رفيق خليفة إلى الجزائر، والذي جاء تنفيذا لموافقة القضاء البريطاني على عملية تسليم خليفة خلال الجلسة التي عقدت يوم 25 جوان 2009 بمحكمة وستمنستر بلندن، حيث اعتبر وقتها القاضي تيموتي وور أن تسليم خليفة ''لا يتناقض مع المعاهدة الدولية لحقوق الإنسان''. وحول تسليم الخليفة للجزائر قال وزير العدل حافظ الأختام مؤخرا إن الجزائر ''في انتظار فصل المجلس الأعلى للقضاء البريطاني في الطعن الذي أودعه المتهم بخصوص تسليمه للجزائر''. وجاء في بيان سابق لوزارة العدل الجزائرية أصدرته عقب هذا الحكم أن قرار التسليم ''قد تم اتخاذه عقب سلسلة من الإجراءات التي تم على إثرها التصريح بقبول الطلب الجزائري من حيث الشكل ليشرع في دراسة موضوع الطلب وفحص أدلة الإثبات والتأكد من مدى توفر الشروط التي تضمن محاكمة عادلة للمعني أمام المحاكم الجزائرية وذلك خلال جلسات عدة استمعت فيها المحكمة لشهود وخبراء ولمرافعات المحامين''. وقام الطلب الجزائري القاضي بتسليم خليفة على وثائق تتعلق بتزوير رهن المنزل العائلي ومحل تجاري وإنشاء مجمع الخليفة. ومن بين التهم الرئيسية التي وجهت لخليفة على وجه الخصوص السرقات التي تمت على مستوى مختلف الوكالات التابعة للبنك بأمر من عبد المؤمن خليفة نفسه، والتسيير الفوضوي والإهمال الذي ميز كل التحويلات بالعملة الصعبة تحت غطاء معاملات مختلفة والتي كانت في واقع الأمر - حسب لائحة الاتهام - عمليات اختلاس منظمة.