حذرت لجنة طبية وطنية بالسعودية من أن زواج القاصرات قد يتسبب بظهور مشكلات صحية جسدية ونفسية بين الفتيات المتزوجات في سن مبكرة وأطفالهن، الأمر الذي يهدد بزيادة انتشار الأمراض المختلفة بين أفراد المجتمع. وكانت هيئة حقوق الإنسان في السعودية قامت بمخاطبة وزارة الصحة السعودي، للاستفسار عن الكيفية التي تُجرى فيها فحوص ما قبل الزواج للأطفال القصر، وما يسببه ذلك من آثار سلبية بالغة من الناحية الجسدية والنفسية، لذا عقدت اللجنة الوطنية الطبية المختصة بدراسة الآثار الصحية المترتبة على زواج صغار السن، اجتماعاً لتحديد المخاطر الصحية المحتملة التي قد تنجم عن زواج الأطفال، حيث أصدرت تقريراً شرحت فيه الآثار السلبية المحتملة، في مختلف الجوانب، لزواج القاصرات. وحسبه تبين وجود آثار سلبية لزواج القاصرات تتمثل في أربعة جوانب؛ فهي تتسبب بأضرار نفسية وجسدية عند الطفلات المتزوجات. كما ينطوي هذا الأمر على مخاطر نفسية وجسدية تهدد صحة أطفال الأمهات القصر، أما عن الجانب الصحي البدني للطفلة المتزوجة، فأكد التقرير أن هؤلاء الفتيات يتعرضن لمشكلات جسدية ناجمة عن عدم استعداد أجسادهن لخوض تجربة من هذا النوع. كما أنهن مهددات بالإصابة باضطرابات الدورة الشهرية، تأخر الحمل، والولادة المبكرة. علاوة على تزايد حالات الإجهاض بين تلك الفئة من المتزوجات، وارتفاع مخاطر إصابتهن بهشاشة العظام بسبب نقص الكلس. وفيما يختص بالجانب النفسي ؛ أوضح المختصون من اللجنة التي ضمت أطباء من مختلف التخصصات المعنية، أن زواج الطفلة قد يتسبب بمعاناتها من الحرمان العاطفي من حنان الوالدين، والحرمان من عيش مرحلة الطفولة، ما قد يؤدي- عند تعرضها لضغوط- إلى حدوث ارتداد لهذه المرحلة في صورة أمراض نفسية مثل الهستيريا والفصام، والاكتئاب، والقلق واضطرابات الشخصية. كما قد ينجم عن ذلك اضطرابات في العلاقات الجنسية بين الزوجين، ناتج عن عدم إدراك الطفلة لطبيعة العلاقة، ما يؤدي إلى عدم نجاح العلاقة وصعوبتها. بالإضافة إلى معاناة الفتاة من قلق واضطرابات عدم التكيف، نتيجة للمشاكل الزوجية وعدم تفهم الزوجة لما يعنيه الزواج ومسؤولة الأسرة والسكن والمودة، وقد ينتهي الأمر بهروبها نحو الإدمان نتيجة تلك الضغوط. وفيما يختص بصحة مواليد تلك الفئة من المتزوجات؛ حذر تقرير اللجنة من احتمالية معاناة هؤلاء الأطفال من عدد من المشكلات الصحية، مثل اختناق الجنين في بطن الأم، نتيجة القصور الحاد في الدورة الدموية المغذية لجسده، الولادة المبكرة وما يصاحبها من مضاعفات مثل: قصور في الجهاز التنفسي لعدم اكتمال نمو الرئتين واعتلالات الجهاز الهضمي. بالإضافة إلى تأخر النمو الجسدي والعقلي، زيادة على مخاطر الإصابة بالشلل الدماغي، والإصابة بالعمى والإعاقات السمعية. كما شددت اللجنة على أن زواج القصر يؤثر كذلك بشكل سلبي على الِصحة النفسية للأطفال، الذين هم ثمرة ذلك الزواج؛ فهم قد يشعرون بالحرمان نتيجة عدم قيام الأم القاصر بدورها كأم ناضجة. كما ويكونوا مهددين بالإصابة باضطرابات نفسية، تؤدي إلى أمراض نفسية في الكبر كالفصام والاكتئاب، نتيجة وجود الطفل في بيئة اجتماعية غير متجانسة. وقد يواجهون خطر تأخر النمو الذهني الناجم عن انعدام أو ضعف الرعاية التربوية الصحيحة، بسبب عدم قيام الأم القاصر بواجبها التربوي تجاه أطفالها. وأخيراً خلُصت اللجنة إلى أن زواج القصر هو أحد العوامل الرئيسة التي تساعد على ظهور مشكلات صحية ونفسية، ما يؤدي إلى زيادة الأمراض في الأسرة والمجتمع، وهو ما يشكل كذلك عبئاً اقتصادياً على النظام الصحي.