بعد موجة الإضرابات التي اجتاحت الجامعات الجزائرية منذ بداية السنة الجامعية 2010-2011 سواء من طرف الأساتذة، وفي أغلبها كانت من طرف الطلبة المنضوين تحت النظام الجامعي الجديد ألا وهو ال ''أل أم دي'' -LMD-، ومن خلال استطلاع قمنا به أوساط الطلبة علمنا أنهم كانوا مستاءين وقلقين حِيال وضعهم الحالي ومستقبلهم، وقد حاولنا رصد مخاوفهم ونقلها للجهات المختصة. لقد حاولت الجامعة الجزائرية منذ سبتمبر 2004 تطبيق هذا النظام تدريجيا، وهو هيكل للتعليم العالي مستورد من البلدان الأنجلوسكسونية، يحضّر خلاله الطالب للحصول على ثلاث شهادات، الليسانس والماستر والدكتوراه، حتى هنا فإن الأمور تبدو طبيعية وجد منطقية وفي صالح الطالب، خاصة إذا علمنا أن شهادة الليسانس تحضّر في ظرف ثلاث سنوات ثم ينتقل الطالب بعدها مباشرة إلى مستوى الماستر من دون أن يضطرّ لاجتياز المسابقات كما هو الأمر بالنسبة لشهادة الماجستير من النظام القديم، وإنما يعود انتقاله إلى الدرجة الماستر لمدى اجتهاده في الليسانس، فتُفتح للطالب مجالات البحث العلمي وبالتالي الانتقال إلى مرحلة الدكتوراه، ولكن كأي مشروع يُطبّق دون دراسات مُسبقة تظهر مشاكله بعد التطبيق. وفي الجزائر بدأت المشاكل تظهر وبشكل جلي من خلال الإضرابات المستمرة للطلبة من جهة وللأساتذة من جهة أخرى، وفي استطلاع لآراء الطلبة الحاصلين على شهادة الليسانس من النظام الجديد، حدّثتنا لمياء وهي إحدى الطالبات المتخرجات حديثا والتي كانت على حدّ قولها ضحية من ضحايا هذا النظام: ''صدقيني هو مقصلة حقيقية لطموحات الطالب وهو مقبرة لمن أراد السعي في طلب العلم لأن الهدف منه هو التقليص من مدة تكوين الطلبة، إضافة إلى أنه يفتقد للمصداقية، وإن اطّلعتِ على نظام التدريس به فستكتشفين بأنه أكذوبة أخرى من لدن الوزارة، وستلاحظين انحطاط مستوى التكوين به، كما أن الجرائد اليومية تنقل معاناة وإضرابات الطلبة على صفحاتها، ولعلمك فقط فهذا النظام تم أخذه من سلة مهملات الجامعات الفرنسية، وقد جربته الدولة المغربية ولم ينجح، ولك أن تقارني بين من لهم شهادات بالنظام القديم ومن لهم شهادات في نظام LMD وحتى في التوظيف يستبعدونهم''. أما حمزة خريج ماستر أنظمة الاتصالات (هندسة كهربائية) فقد نقل لنا انشغالاته في حسرة وإحباط كبيرين ''أريد أن أطرح في تدخلي هذا مشكل نظام LMD الذي أصبح وحشا يهدد طلبتنا في الجامعة وفي الحياة العملية، هذا النظام الذي أعتبره جريمة في حقنا كطلبة، فبعد أن أتممت الدراسة في هذا النظام لمدة خمس سنوات (ماستر) فوجئت بإقصائي من كل مسابقات الوظيف العمومي، ووجدت كل الأبواب مغلقة في وجهي، والآن نحن نعاني ويلات هذا السلاح الفتاك الذي فرض علينا في الجامعة، لقد شاركت في مسابقات كثيرة منها التعليم ومسابقة التوظيف التي طرحتها وزارة البريد وتكنولوجيات الاتصال ففوجئت بأن الشهادة التي تحصلت عليها (ماستر) غير معترف بها؟ وقوبلت بالرفض؟ نحن الآن نطلب من الجهات المعنية تحمّل مسؤولياتها وفرض هذا النظام على المؤسسات العمومية والخاصة واتخاذ الإجراءات اللازمة. سوق العمل لم يعترف بهم والجامعة تنفي مسؤوليّتها وفي اتصالنا ببعض المنظمات الطلابية والتي تعتبر في غالب الأحيان الناطق الرسمي باسم الطلبة والمسؤولة عن تنظيم الإضرابات والاحتجاجات، استنتجنا أن هذه الإضرابات جاءت على خلفية الإقصاء التعسفي على حد تعبيرهم الذي تعرض إليه طلبة النظام الجديد ال'' LMD'' الراغبين في مواصلة دراستهم والانتقال من طور الليسانس إلى الماستر، كما أن سوق العمل لم يعترف بهم، أما الجامعة فقد نفت مسؤوليتها ''بعد تخرجهم أصبحوا غير منتسبين للجامعة ولا حق لهم حتى في الإضراب أمام الكليات والاحتجاج''، هذا ما قاله أحد العاملين برئاسة الجامعة، ليبقى الضحية الأول والأخير الطالب، كما أنه لم يسمح لجميع الطلبة بالانتقال من طور الليسانس إلى الماستر دون أي قيد أو شرط. فيما تبقى الاتحادات الطلابية تتابع الأحداث عن كثب دون الوصول إلى حل لهذه المعضلة التي راح ضحيتها الطالب الجزائري الراغب في النهل من العلم حتى يشبع رغبته منه. أي إصلاح مرهون بمدى توفير الظروف الملائمة لنجاحه انتقلنا بعدها إلى رصد آراء الأساتذة محاولين فهم الأوضاع أكثر، فاتصلنا بالأستاذ ''ساولي'' المختص في علم الاقتصاد، فكان توضيحه كالتالي: ''المتمعن في هذا النظام يرى أنه يسمح بتكوين جامعي يتسم بالحيوية والعصرنة ويرتبط بالمحيط الاقتصادي والاجتماعي ومتفتح عليه، لكن أي إصلاح مرهون بمدى توفير الظروف الملائمة لنجاحه، وهذا ما يعاب على هذا النظام الذي لم يُوفّر له المناخ في الوقت الحالي ماديا وبشريا، نقص المرافق البيداغوجية، المخابر، قاعات المطالعة، مكتبات متخصصة ...الخ، إضافة إلى النقص الفادح في الدروس التطبيقية والتربّصات الميدانية، وما يلاحظ كذلك هو عدم جاهزيّة القوانين المسيرة له والاكتفاء بقوانين النظام القديم، مثلا الشروط التي تتحكم في إعادة التوجيه والتحويلات، كما يلاحظ أيضا أن هذا النظام يواجه صعوبات كبيرة في التطبيق كونه ليس متعلقا بالجامعة وحدها بل يتعداها إلى الشريك الاقتصادي الذي يخوض تجربة جديدة والمتمثلة في الخوصصة والمؤسسات الصغيرة وفتح المجال للمستثمر الأجنبي، يضاف إلى ذلك عدم استعداد واستيعاب الأسرة الجامعية وعلى رأسها رؤساء المؤسسات الجامعية والأساتذة للتحديات التي يفرضها النظام الجديد الذي يستوجب استنفارا قويا لجميع الإمكانيات المادية والبشرية. هذا ونشير إلى أن الوزارة الوصية استعملت كل الطرق والأساليب من أجل تطبيق هذا النظام -وتعميمه- وتناست الطريق السليم وهو الحوار والنقاش وفتح الباب أمام كل الشركاء لتقديم الآراء حول هذا النظام. فهذه التجربة وإن استوفت حقها من التحضير المادي والأكاديمي فهي لم تستوف حقها من النقاش حول آلية التطبيق في الجامعة. ويبقى هذا الملف أرضية للنقاش والإثراء كما يبقى عاملا من عوامل استقرار الجامعة ويساهم في رقيها، وتبقى أيدينا ممدودة إلى كل من يسعى للنهوض بها إلى مصاف الجامعات العالمية''. رغم ما رصدناه من استياء معظم الطلبة من هذا النظام الجديد إلا أنّه في المقابل هناك طلبة رحّبوا به، ووجدوا فيه النظام الأمثل، فمحمد ليسانس هندسة، درس ثلاث سنوات، عبّر لنا عن ارتياحه لهذا النظام الجديد: ''والله أنا درست وفق نظام ال ''أل أم دي'' إعلام آلي وأعجبني كثيرا، فقد تخرجت هذا العام بعد ثلاث سنوات فقط، درسنا خلالها نفس برنامج المهندسين وبعد أن اطلعت على برنامج الماستر وجدته يطابق برنامج الماجستير، وبالتالي فهو اختصار للوقت والجهد''. ما هو نظام ال''أل أم دي''؟ هو عبارة عن هيكل تعليمي مستوحى من الدول الأنجلوساكسونية يحتوي على ثلاث شهادات هي: شهادة ليسانس L شهادة ماستر M شهادة دكتوراه D، وهو مطبق حاليا في كل من: الولاياتالمتحدةالأمريكية ? كندا- انجلترا- فرنسا- بلجيكا- روسيا- ألمانيا..إلخ. وقد اختارته وزارة التعليم الجزائرية كبديل للنظام الكلاسيكي وذلك لحل بعض المشاكل التي يتخبط فيها هذا الأخير كالرسوب- البقاء طويلا في الجامعة صعوبة نظام التقييم ورداءة نوعية التأطير...إلخ. تم اختيار نظام ألLMD لتطبيقه في الجامعة الجزائرية بداية من سبتمبر 2004م وهذا من أجل: - توفير تكوين نوعي لمسايرة العصر. - تحقيق استقلالية المؤسسات الجامعية وفق السير الحسن.- المساهمة في تنمية البلاد. - هيكلة نظام الLMD . أ- ليسانس: هي شهادة تحضر في 03 سنوات وتنقسم إلى فرعين: 1- شهادة ليسانس مهنية: بحيث يتلقى فيها الطالب تكوينا يؤهله لأن يكون جاهزا للحياة العملية. 2- شهادة ليسانس علمية، أكاديمية: تسمح للطالب بمتابعة الدراسة تحضيرا لنيل شهادة الماستر. ب- الماستر: وتحضر هذه الشهادة في ظرف سنتين بعد اللسانس وتنقسم هي كذلك إلى فرعين: 1- ماستر مهني: يؤهل حامله إلى الحياة العملية مباشرة، وتراعي البرامج التكوينية في هذا النوع من الشهادات الجانب المهني. 2- ماستر البحث الأكاديمي: يسمح لحامله بمواصلة الدراسة للتحضير لنيل شهادة الدكتوراه. ج- الدكتوراه: وتحضر في ثلاث سنوات بعد شهادة الماستر.