الصخب الذي يصاحب كل موسم حج وعلو الأصوات الغاضبة من اللجنة المنظمة، على اعتبار أن أفراد البعثة لا هم لهم غير التسوق والتسكع، وليذهب الحجاج الجزائريون إلى الجحيم، رفقة إبليس وجنده، أقول هذا الغضب أصبح عادة مألوفة في الحي. هذا الصخب الذي يطرح أكثر من تساؤل، ويدعو إلى النظر بجدية إلى الأمر، وتحليل الوضع بما يسهل فهم الأمور، لاسيما وأن حدة الانتقادات تزيد وتتعاظم مع وقفة عرفة والزحف نحو مزدلفة ومنن. ولا يخفى على عاقل الصعوبات التي يواجهها كل الحجاج من جميع الجنسيات في هذين الموقفين، لاعتبارات مكانية وزمانية محدودة تتحمل أموجا بشرية فوق الطاقة والقدرة على الاستيعاب، وبالتالي كيل التهم الجزاف إلى القائمين على هذا الأمر فيه نظر، دون أن ينفي المسؤولية على تقصير البعض، لكن ما يعتقده الكثيرون من أن السفر إلى الحج لا يختلف عن جولة سياحية في مايوركا الإسبانية أو إسطنبول التركية أو البندقية الإيطالية من الوهم بمكان، وبالتالي اعتقد أن كثيرين يستصحبون هذا الأمر حتى يظنون أن أفراد البعثة مكلفون بإطعام وسقاية الحجاج، وبرمجة شاشات التلفاز في الخيام على قنوات النايل سات، مع توفير الدخان والشمة للبعض، ومساعدة الآخرين على قضاء الحاجة. وفي هذا المقام لا يكفي فقط التوجه بسهام النقد اللاذع غير المؤسس أو البعيد عن الواقع، كما لا يجب على القائمين على هذا الأمر التنصل عن المسؤولية، ويجب العمل على تغيير بعض الأفكار الجاهزة والمنمطة عن مهام البعثة الوطنية للحج، لأنه للأسف الشديد، لا يتقن فعل الكفران الشديد إلا نفر من حجاجنا الميامين، غفر الله لنا ولهم.