تواجه الكثير من الأمهات صعوبات يومية في تحضير الأطباق حيث يدخلن في دوامة من الحيرة والبحث المستمر عن نوع الطعام الذي سيقمن بتحضيره ويحاولن ربط العلاقة في أذهانهن بين ما هوموجود في الثلاجة من خضر وما يتناسب مع رغبة كل فرد من الأبناء ومن هنا تدخل الأم في صراع مع ما يحب الآخر وما يكره أخوه وتسعى لإرضاء الطرفين بتحضير وجبتين في الكثير من الأحيان. مع كل صباح وبعد انصراف الأبناء إلى المدارس تبدأ قصة النساء الماكثات في البيوت في الاجتهاد من أجل ضبط وجبة ذلك اليوم حتى يتسنى لهن إنهاء الطبخ مع موعد رجوعهم من المدرسة،إلا أن ذلك لا يعتبر بالأمر الهين خاصة أمام اختلاف رغبات كل واحد من الأبناء الذين ينفرد كل واحد منهم بأكلته المفضلة وبناء على ذلك يتحول هم الأم من مجرد تحضير وجبة غذائية واحدة تسد جوع العائلة إلى التنويع في القائمة وتجنب كل الوجبات غير المحبذة للبعض مع التركيز على التي يفضلونها،كما تطرح هذه المشكلة بكثرة عند الأمهات اللاتي اعتدن على تدليل أبنائهن حيث يشجعنهم في كل مرة على رفض ذلك الطبق وتخصيصهم بوجبة خاصة بهم تفتقر للعناصر الغذائية المفيدة لجسم الإنسان،فعوض من إقناعهم بأن سلوكهم خاطئ وإجبارهم على تناولها فإنهن يتبعن سياسة الليونة معهم فيسارعن مباشرة إلى المطبخ ويخضرن لهم وجبة خفيفة وهوما يدفع بهن في معظم المرات إلى إتباع نفس الطريقة حتى يحققوا مرادهم ويتحصلوا على الطعام الذي يرغبون به،والجدير بالذكر أن الأولاد لا يعتبرون وحدهم المسؤولين عن ذلك فللأمهات جانب من غرس مثل هذه العادات الجديدة في المجتمع الجزائري التي أصبحت دخيلة نظرا للتطور الذي صار يميز عاداتنا الاستهلاكية من مأكولات خفيفة وشاورما التي تحولت إلى الأطعمة المفضلة للعديد من الشبان في الآونة الأخيرة الأمر الذي يدفعهم إلى هجرة الأطباق المنزلية وما ألفوه من أطعمة تقليدية. إعداد أكلات كثيرة لتلبية متطلبات الأبناء ! تشتكي معظم النساء من كثرة مطالب أبناءهن الذين لا يحبون تناول بعض المأكولات مفضلين بذلك التوجه إلى محلات الأكل الخفيف حيث يكتفون فقط برفض ذلك الطبق دون أن تكون يهم دراية مسبقة بذوقه لأنه لم يسبق لهم وأن تناولوه،وفي خضم تسابقهن مع الزمن تتكبد الأمهات مشقة التفكير اليومي في نوعية الأطباق التي يشترك في التهامها كافة أفراد العائلة فحتى وإن كانت الثلاجة تتوفر على الخضر ومختلف المقادير اللازمة لإعداد طبق معين فإن ذلك لا يعتبر كافيا بالنسبة إليهن خاصة من كان لديها أطفال كثر وكل واحد منهم يسعى لفرض رأيه على الآخر،كما يمتد هذا المشكل إلى الآباء أيضا الذين يملون شروطا على زوجاتهم بأن لا تحضر ذلك الطبق أوغيره وبأنهم يفضلون نوعا معينا دون غيره وهنا تجد المرأة الماكثة في البيت نفسها في حيرة من أمرها وعاجزة تماما على الاستقرار على رأي أمام عدم تفهم الزوج من جهة ورغبات الأولاد التي لا تنتهي من جهة أخرى،وتزداد قضية نوع الطبخ التي تعاني منها العديد من النساء تعقيدا عندما تكون المرأة الماكثة في البيت مجبرة على التوجه إلى السوق بنفسها من أجل اقتناء ما يلزمها من حاجيات وبالتالي يزداد تعبها وشقاءها بالتفكير في ما يجب أن تقوم بطبخه في البداية ثم القيام بفعل الشراء بعد ذلك ففي ظرف قياسي تحاول التوفيق بين تنظيف المنزل والذهاب إلى السوق حتى يمكنها العودة بسرعة والشروع في تحضير المقادير اللازمة التي ستدخل في قدر الوجبة الخاصة بذلك اليوم،وفي هذا الشأن تؤكد لنا السيدة ''فتيحة '' بأنها تعيش على أعصابها طيلة أيام الأسبوع حيث تبذل جهدا أكثر في التفكير في الوجبات المحبذة إلى أولادها وسيناريورفضهم لأكلة معينة يتكرر يوميا حيث تحضر مثلا للغذاء وجبة معينة وعندما يجتمع أولادها في المساء لا يعجبهم ذلك فتسارع إلى المطبخ وتضطر لإعداد أكلة أخرى رغم أنها تكون متعبة كما تضيف لنا أيضا أنها أحيانا لا تجد ما تطبخه ولذلك يبقى أولادها بدون عشاء،أما من جهتها السيدة ''وسيلة '' فهي لا تطلق العنان لأولادها في مثل هذه الأمور حيث تقوم بتحضر وجبة واحدة في اليوم فقط فمن أراد أن يأكل فليفعل ومن رفض ذلك يتحمل عواقب اختباراتها فبالنسبة لها فإنها ترفض تماما أن تعودهم على الدلال لأن ذلك من شأنه أن يتحول إلى حل يلجؤون إليه عندما لا يحبون ذلك الغذاء أوالعشاء. ر. ع