يتغير النظام الغذائي الخاص بالطفل مع دخول شهر رمضان، بحيث تتأخر بعض الوجبات ويتم شطب الوجبات الأخرى، بل إن بعض الأطفال يتحولون الى ضحايا لأوليائهم الصائمين بسبب حالة الإهمال واللامبالاة التي قد تصل في بعض الأحيان الى حد النسيان إن لم يعبر الطفل عن جوعه، وحجتهم الوحيدة الصيام أو الامتناع عن تحضير الوجبة بحكم أن ما تم طبخه بالأمس لا يزال موجودا. صبت أراء معظم النسوة اللواتي استجوبتهم ''المساء'' حول موقف واحد تجاه تغذية أبنائهم في رمضان، والمتمثلة في إعادة تسخين ما تم طبخه بالأمس سواء كان شوربة أو طاجينا، والامتناع عن الطبخ بحكم أن الأكل متوفر، رغم ذلك يقابل الطفل ذلك بالرضى لسد الجوع أو بالامتناع عن الأكل والاكتفاء بفاكهة أو ما تبقى من قلب اللوز أو زلابية أو باللجوء الى الجبن أو البيض المسلوق أو البطاطا المقلية. الشوربة لثلاثين يوما إذا كان الطبق الرئيسي في كل البيوت الجزائرية في رمضان هو الشوربة بكل أنواعها، فهو الطبق أيضا الذي يرافق الطفل طيلة ثلاثين يوما كاملة فيتناوله في وجبة الغداء التي عادة ما تتأخر بحكم أن الطفل هو الآخر يتعلم السهر، وبالتالي لا يستيقظ باكرا فإنه بالمقابل يجدها حاضرة عند موعد العشاء فإن أعرض عن تناولها يستبدلها بطبق آخر وهو أمر يتعود عليه ولا يشتكي منه حسب بعض النسوة اللواتي دردشت ''المساء'' معهن، ومن بينهن السيدة فتيحة مراح من سكان الابيار التي أكدت لنا انها لا تواجه أبدا مشكلة مع أبنائها في رمضان، بحيث يأكلون ما تم طبخه بالأمس دون تذمر كما أنهم يحبون الشوربة، وهو نفس الانطباع الذي لمسناه عند السيدة بوزيد ليلى التي علقت قائلة ''ما دمنا نحسن حفظ الأكل في الثلاجة فلا حرج مطلقا من إطعام الطفل مما تبقى كما أن طبق الشوربة طبق غني بالخضار، وهو مفيد للطفل وأطفالنا لا يملون الشوربة حتى وإن أكلوها 30 يوما''. الجبن والبيض.. البطاطا المقلية عوضهم الوحيد في رمضان في الوقت الذي تغض فيه بعض النسوة الطرف عن رغبات أبنائهن في رمضان بحكم أن الأكل متوفر وبالتالي لا حاجة للطبخ، نجد أخريات يبذلن جهدا بسيطا باللجوء لإعداد بعض الوجبات الخفيفة التي تسد جوع الطفل من جهة ولا تكلف الأم جهدا أو وقتا طويلا، بحيث تكتفي بوضع الجبن في الخبز أو قلي بعض البيض أو البطاطا، وهو ما تفعله سيدة التقيناها بالأبيار، إذ حدثتنا قائلة ''يصعب علي الدخول إلى المطبخ وإعداد ما يحبه أطفالي الثلاثة خاصة عندما يكون الأكل متوفرا، وحتى لا يبقى أبنائي جياعا ألجأ الى تحضير بعض الأطباق الخفيفة كقلي البيض أو البطاطا، أو أقوم بتسخين بعض الحليب وتقديمه لهم مع بعض الخبز والمربى ''بينما لا تكلف أخريات أنفسهن عناء بذل هذا الجهد ولو كان بسيطا، بحيث يكتفين بسد جوع أطفالهن ببعض الفواكه المشبعة كالموز أو التفاح، أو ببعض مشتقات الحليب كالياغورت، وهو ما تفعله السيدة ليلى حتى لا تدخل المطبخ، حيث تقول ''إنها تشتري الفواكه بكثرة كما تبتاع الياغورت والبسكويت وتجعلها في متناول أطفالها متى جاعوا إن امتنعوا عن أكل ما تبقى من طعام الأمس'' بينما هناك أخريات يدخلهن في خانة الإهمال واللامبالاة، إذ ينسين أن عليهن إطعام أبنائهن في وقت الغداء، وهو ما حدثتنا عنه السيدة مريم بوشكارة التي قالت ''أسهر الى وقت متأخر من الليل وبالتالي أستيقظ عند الساعة الحادية عشر، أقوم بتنظيف المنزل وترتيبه فأنسى موعد غذاء ابنتي اللتين تكتفيان بشرب الحليب، وبعد الانتهاء من الأشغال المنزلية أتذكر أني لم أحضر أي شيء لهما فألجأ لإشباع جوعهن إما بالجبن والخبز أو بتسخين ما تبقى مما طبخته بالأمس''. غذاء الطفل مسؤولية الأم في رمضان تحمّل الآنسة صليحة. ب وهي طبيبة عامة بمستشفى مصطفى باشا الأمهات مسؤولية إهمال الوجبات الغذائية لأطفالهن والاكتفاء بسد جوعهم مما تم طبخه بالأمس، حيث تقول في تصريح ل''المساء'' لا حرج مطلقا في إطعام الأطفال مما تم تطبخه بالأمس، أي ليس هناك أي إشكال في الأكل ''البايت'' إذا كانت الأم تراعي الشروط الصحية الواجب اتباعها عند حفظ الطعام بالثلاجة، لا سيما ونحن في فصل الصيف، حيث تكون الأغذية معرضة للتلف بحكم ارتفاع درجات الحرارة . من جهة أخرى تنبه ذات المتحدثة الأمهات من التمادي في إعطاء الأطفال نفس الوجبة وتشير إلى أنه ينبغي عليهن أن لا يهملن التنوع في الوجبة الغذائية الخاصة بالطفل، أو السعي للتقليص في عدد الوجبات التي تعود عليها، فإن كان الطفل متعودا قبل رمضان على تناول ثلاث وجبات فينبغي أن تظل الوجبات نفسها في رمضان، كما ينبغي أيضا أن لا تهمل أو تتجاوز رغبة ابنها في تغيير الطعام وعدم إلزامه بأكل الشوربة لثلاثين يوما لتجنب طبخ شيء آخر قد يرغب هذا الأخير في أكله، لأن ذلك من شأنه أن يؤثر سلبا على شهيته ويصيبه بالملل خاصة إن ألزمته بأكل نوع معين من الطعام ولم يكن راغبا في أكله، وهذا السلوك قد يحوله إلى شخص عدواني وعنيف، أو يجعل طباعه تتغير، وبالتالي يتحول إلى طفل يكره الأكل ويتجه الى ما يسمى ''بالسقايط'' التي يعتبرها الحل الوحيد لسد جوعه-.