لم أستغرب كثيرا وأنا أتابع إلحاح مسؤول بوزارة الشؤون الدينية في نصيحة منه للشباب بأن يولوا أهمية قصوى للنظافة داخل المساجد، وتساءلت:'' ألا توجد فعلا نظافة داخل بيت ربي؟؟''، لكن الحقيقة والواقع لم يتركا فيّ من سؤال أو تساؤل، فالجزائريون لا يخرجون من بيوت الله مثلما يدخلونها ولا يعيرون اهتماما لحماية هذه البيوت من آثار سلبية كثيرة. وقد صار لزاما علينا محاربتها، فمقام السيدة الإفريقية بأعالي بولوغين، ليس أفضل في شيء عن مساجد المسلمين، بل يلزمنا فقط أخذ العبرة، بعدما صرنا لا نهوى من تحضر الغرب وحضارتهم سوى ما يؤثر فينا سلبا وتركنا الإيجابيات على جنب. وقد تبيّن أن أحدهم قد أصيب بداء خطير منذ أيام، كاد أن لا يشفى منه، بسبب استنشاقه خلال أدائه المتواصل لصلاة التراويح شهر رمضان المنصرم لروائح وميكروبات عقدت عملية التنفس على مجاريه، بسبب ''تعفن'' سجادات الجامع الذي كان يتردد عليه، أكيد ما كان ليشفى إذا علمنا أن بعض المساجد لا تعرف للنظافة طريقا بسبب تهاون شباب الحي والقائمين عليه في منحه تلك الصورة الواجب توفرها في مساجد أقيمت لذكر اسم الله فيها، وليس لأمر آخر، وقد لا يصدق البعض أن هناك بعض المصلين ممن يترددون على المساجد نهارا وليلا يلقون بفضلاتهم هناك دون أن يردعهم حتى ''ضميرهم'' وقيل أن مسجد ''النور'' بنواحي العاصمة اكتشف القائمون عليه عندما كانوا يتأهبون لرفع أفرشته وغسلها، قناطير مقنطرة من ''الشمة''!، كان المصلون قد ألقوا بها هناك، وكأن كل واحد منهم يؤمن بصدق بسياسة: ''تخطي داري، تخطي راسي''.. متى يدرك شبابنا أن حماية بيت الله من المساوئ الشنيعة والأفعال المشينة فيه أضعاف مضاعفة من الخيرات، عن البحث واللهث خلف قارب يقودنا باتجاه الضفة الأخرى من البحر المتوسط، سعيا خلف تقدم ورقي افتراضي مصطنع، ومثلما يقال من لم يصنع خيرا لبلاده فكيف به أن يصنع خيرا في غيره. ثم كيف لا يفكر أولئك الذين لم يتعودوا على تحمل مسؤولياتهم كاملة أمام أنفسهم، أن في خدمة المساجد أضعاف مضاعفة من الحسنات، على البقاء ''دون شغل ولا مشغلة'' صباحا ليلا سعيا خلف عورات الناس، ''حيطيست'' نالوا هذا اللقب بامتياز بعدما صارت جدران أحيائهم التي يقطنون بها غير قادرة على استيعاب أجسادهم، ولا نقول هذا تشفيا في حالهم، لكنني على يقين أن أغلبهم تعود على حالة الخمول الدائم وانتظار ''يفرج ربي'' أو ''فيزا'' أو ''حرقة'' باتجاه بلاد الغربة، متناسين أن المثل يقول ''اعمل يا صغري على كبري واعمل يا كبري على قبري''، فأين نحن وهم من هذا المثل الرائع.