مع اقتراب موعد عيد الفطر المبارك تشهد خطوط النقل حركة غير عادية، وازدحاما فتح الباب واسعا أمام أصحاب سيارات النقل غير الشرعية لايصال المسافرين إلى وجهاتهم المختلفة، لكن وفق شروط وأسعار يحددونها تتجاوز في كثير من الأحيان أضعاف أثمان التذاكر الحقيقية. تعرف خطوط النقل في الأيام الأخيرة التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك ازدحاما شديدا نتيجة رغبة الكثير من المواطنين في قضاء العيد رفقة أهاليهم. خاصة فئة الطلبة والعمال وغيرهم ممن اضطرتهم الظروف للعمل بعيدا عن منازلهم، وتعتبر الجزائر العاصمة وعلى غرار الولايات الكبرى مسرحا لهذه الحركة الغير عادية للنقل التي تشهد استعمالا مكثفا لمختلف وسائل النقل وعبر كافة الخطوط، وقد أدى هذا إلى حدوث طوابير طويلة أمام محطات النقل المختلفة كخروبة وبور سعيد والحراش وغيرها وقد أدى الضغط على هذه المحطات وككل عام إلى بروز ظاهرة النقل غير الشرعي حيث يعمد أصحاب السيارات والحافلات غير المرخص لها بالوقوف أمام المحطات وانتهاز فرصة رغبة الكثير من الناس والعائلات وخاصة الشباب في قضاء العيد رفقة أهلهم إلى تقديم عروضهم ونقلهم إلى وجهاتهم المختلفة لكن بمبالغ يحددها السائقون أنفسهم ويفرضونها على المسافرين الذين يخضع أغلبهم لمساومات السائقين، الذين يفرضون أسعارهم التي تصل إلى ضعف ثمن التذكرة الأصلية، وفي أحيان أخرى أكثر من ذلك خاصة في اليوم الأخير، ورغم كل المساعي التي تبذل للحد من الظاهرة وتوفير المزيد من الحافلات وعلى جميع الخطوط خاصة البعيدة، إلا أن أصحاب السيارات غير الشرعية يعودون للظهور مع اقتراب الأعياد كل عام، خاصة وأن هذه المهنة أكسبتهم أموالا كثيرة، فكل سائق يحصل في عملية واحدة على مبلغ 5000 دج يوميا، والطريقة التي ينتهجها أصحاب السيارات في اصطيادهم للمسافرين سهلة حيث يقومون بالاندساس وسط المسافرين، ويتفاوضون معهم ويختارون الذين يبدو من ملامحه القلق والرغبة في الحصول على مقعد بكل الأثمان، وينتقلون من واحد إلى آخر حتى يكتمل العدد الذي يرغبون في نقله وبعدها ينطلقون إلى الوجه المتفق عليها وبمبالغ كبيرة. أكثر الفئات التي تتعرض لمثل هذه المواقف هي فئة الطلبة حيث يلجؤون أمام عدم توفر وسائل النقل خاصة على مستوى المحطة البرية ''خروبة'' إلى الانتقال إلى مدينة الحراش للمتكن من الوصول إلى وجهاتهم ، وتمكنهم محطة سيارات الأجرة التي تعمل على طريق الجزائر العاصمة والولايات الجنوبية كالمسيلة -بسكرة -الجلفة وغيرها من تحقيق ذلك، غير أنهم وفي أغلب الأحيان يصادفون نفس المشكل وهو انعدام السيارات لكثرة الطلب عليها، خاصة من العائلات التي تفضل قضاء العيد في مسقط رأسها وهو ما يدفعهم إلى الاستنجاد مجبرين بأصحاب السيارات ''الكلوندستان'' وبأثمان مضاعفة يقول محمد طالب جامعي: كل عام نضطر إلى دفع مبالغ مضاعفة من أجل الوصول إلى البيت، وأمام الضغط الكبير الذي تشهده الخطوط المختلفة يلجأ الكثير من أصحاب السيارات إلى ركنها أمام المحطات مثل محطة الحراش، ويقومون بالتسلل بين المسافرين وتقديم عروضهم وسط المسافرين الذين يلجؤون إليهم أمام طول الانتظار لكن المؤسف أن هؤلاء الأشخاص لا يتوانون عن رفع الأسعار وبالطريقة التي تناسبهم، وكلما تأخرت يوما عن العودة إلى البيت تزيد ضريبة ذلك التأخر وتدفع من أجل ذلك مبالغ جد مضاعفة، ناهيك عن السرعة المفرطة التي يقودون بها سياراتهم للتمكن من توصيل أكبر عدد ممكن من المسافرين وتحصيل مبالغ مالية جيدة في اليوم الواحد، فمثلا ثمن التذكرة التي كنا نقطعها في الأيام العادية للوصول إلى مدينة سور الغزلان بسيارات الأجرة كانت تقدر ب 200دج، وفي الأيام الأخيرة التي تسبق العيد وصلت إلى 400 دج ، وستجاوز ذلك في الأيام القادمة بكل تأكيد، وللأسف نضطر لدفع المبلغ وقبول الأمر ولا تمضية العيد بعيدا عن الأهل. أما صديقه ''نسيم'' فيرى أن الأمر كله راجع للفوضى التي تتم بها عملية النقل واستفزاز أصحاب السيارات غير الشرعية، وانتهازهم لفرصة رغبة الكثيرين في قضاء العيد في البيت هي نتاج هذه الفوضى وأشخاص مثل هؤلاء لا يدهشك تواجدهم في هذا التوقيت بالذات، فأمثالهم كثيرون وفي كل المجالات ينتهزون الفرص لتحقيق أكبر قدر من المال، فيكفيه أن يعمل خمسة أيام قبل العيد ليجني من خلالها مبالغ قد تصل إلى حدود 5 ملايين سنتيم، وهو مبلغ يسيل لعاب الكثير من أصحاب السيارات، والمؤسف أن الكثير منهم موظفون يأخذون عطلتهم السنوية أو عطلة مرضية للعمل في هذه المهنة غير الشرعية. ومهما كانت أسباب ودوافع هؤلاء الأشخاص إلا أن العمل بهذه الطريقة في رمضان، وأياما قليلة قبل العيد يجب أن يتحلى أصحابها بالإنسانية على الأقل لكسب الثواب، بما أن أزمة النقل موجودة.