فراس عمر حاج محمد شاعر فلسطيني ولد في إحدى قرى محافظة نابلس في 30 أفريل سنة 1973 يفلسطين، متحصل على الثانوية العامة عام ,1991 التحق بكلية الآداب في جامعة النجاح قسم اللغة العربية، وتخرج منها سنة 1999 بدرجة الماجستير، يعمل مشرفا تربويا في مديرية جنوب نابلس، رغم الإعاقة التي ابتلي بها إلا أن إرادته الفولاذية مكنته من تجاوزها وفرض نفسه في عالم الإبداع الأدبي والفكري، له اهتمامات في المجال الثقافي والنقد الأدبي، أجرت معه جريدة الحوار لقاء تطرق فيه إلى نقاط هامة تتمحور خاصة حول واقع النقد الادبي في الجزائر وفي العالم العربي.. طفولتك فيها نوع من الخصوصية فيما يتمثل هذا التميز؟ أولا سعيد أنا بهذا الحوار، وهو يشكل بالنسبة إلي محطة انطلاق متميزة وخاصة، وذلك من زاويتين، الأولى أنها كانت انطلاقة عربية غير محلية وهذا بطبيعة الحال يعني لي الكثير، ثانيا أنني أتعامل مع جريدة جزائرية، هذا البلد الذي شكل منذ تفتحي على هذه الأرض مثالا للتضحية والدم المراق على مذبح التحرر والإنعتاق من الهيمنة الخارجية والاستعمار المقيت، أما السؤال المتعلق بالطفولة، حقيقة لم أعش مرحلة الطفولة كما أحب وأشتهي بانطلاقها الرحب، وبراءتها العذبة الفياضة بالفرح والحب والشوق لتلك المرحلة، بل على العكس من ذلك تماما لقد عشت طفولة مرة كالعلقم شكلت نبع حزن دائم يسكنني، فقد أصبت بالشلل منذ حداثة سني أي قبل ان اكمل العام الأول من عمري، وقد خلف هذا المرض إعاقة دائمة في الطرف الأيسر، فقدت اليد اليسرى والقدرة على الحركة وأصبت بشيء من التشوه في رجلي اليسرى، مما يظهر على خلال المشي، وقد انعكست هذه الظروف الصحية سلبيا على نتيجة اقتناع الوالدة بأنه يجب على أن أتصرف بحسبان في الركض والمشي، واللعب مع الأقران مما أبعدني عن التصرف الطبيعي، وأصبحت أخشى من كل شيء . ؟ لحكايات شهرزاد أثر عميق في تفجير طاقتك الشعرية؟ ؟؟ الحديث حول البدايات عادة ما يكون حميميا وله طعم مميز، ويكون له مرام بعيدة الأثر، البداية كانت مع أسرة بسيطة ريفية متواضعة الأحلام والتطلعات المستقبلية، تحاول ان تعيش اللحظة فتزجي الوقت بما يسليها من أهازيج ومواويل حزينة يرددها الأب أو تناويح شجية مؤلمة تتلذذ بها الأم وحكايات طازجة لجدة استعارتها من حكايات شهر زاد كان لها أثر كبير على إدراكي الأولي للشعر، وقد استلهمت منها أشعاري وكانت منبعا غرفت منه أدوات شعري ومستلزماته، وشكلت تلك الحكايات مخزونا في اللاوعي أنهل منه وأنا لا أدري، كما للمدرسة شأن في تفجير طاقتي الإبداعية لما فيها من مواقف ساعدتني على تحفيز الجينات الشعرية لدى، وهنا اسمحي لي بذكر هذا الموقف الذي شكل البالنسبة لي اول تحدي وزج بي في غياهب الشعر، كان ذلك في إحدى الحصص، وقد أحضر معلم اللغة العربية مجموعة من القصص ودواوين شعرية لتوزيعها علينا وبحكم ثرثرة الطلبة ومشاغباتهم وحرصهم على أن يستلموا قصصا ذات صور مبهرة، ونظرا لمشي البطيء لم أتمكن من الركض مثلهم وحين حان دوري تسلمت آخر كتاب، لأن العدد كان بعدد طلاب الصف، وحين تصفحت أوراقه وجدته عبارة عن ديوان شعري للشاعر العراقي معروف الرصافي، فحين تسلمته لم أكن محظوظا بطبيعة الحال، فرحت أقرأ ما في هذا الديوان ففهمت شيئا وغابت عني أشياء، إلا أنه ثمة بيت قصيد أعجبني أيما إعجاب: هي الأخلاق تنبت كالنبات إذا سقيت بماء المكرمات وقمت خلالها بنسخ ما جاء في الديوان بخط يدي ولكني عندما قررت الرجوع إليه لم أستطع ان أقرأ ما كتبت سوى كلمة في مطلع القصيدة التي تقول: هي الأخلاق... و من خلال ما نسخت وما قرأت استهواني هذا النسيج الغريب فأخذت بمحاكاته بكلمات لها معنى وأخرى فارغة المحتوى وكل ما يعنيني هو التساوي في عدد الكلمات ووحدة القافية. ينام الشاعر بضميره طويلا ليستيقظ في الجامعة مرة أخرى حيث وجدني شابا يافعا ينكسر وجدانيا على حافة الهاوية فيفيض مخلفا ما يسمى بعد ذلك بالشعر . معنى ذلك أن شبح الشعر يلازمك منذ الطفولة؟ في الحقيقة لا أحد يختار أن يكون شاعرا أو روائيا أو قاصا أو في أي جنس أدبي كان، الشعر قدر محتوم لا يمكن الانفلات منه هكذا يبدو لي. كيف هي الحياة الثقافية في فلسكين ؟ الحياة الثقافية في شكلها العام في فلسطين تحكمها الشِّلَلية، فكل صحفية أو مجلة لها كتابها وشعراؤها القائمون عليها لا يحبذون قادما جديدا يخترق صفوفهم ويحتل موقعا دائما أو شبه دائم في مجلسهم، قد ينشر لك مرة أو مرتين، لكن لا تفكر بأن تنازعهم السلطة الشعرية التي هي مستمدة بطبيعة الحال من السلطة السياسية. متى يكتب فراس؟ ألجأ إلى مملكة الشعر حين أشعر أنني مثقل بحزن ما وأقوم بتجسيده على بياض الورقة، فتشع برؤيا عليها مسحة رقيقة تجعل المتلقي يعيش بداخلها وينتعش بنسيم حروفها، أنا أكتب لكل شخص يرى أن الحياة منجم أحزان لابد أن يفرح قليلا بلحظة النشوة عند مداعبة الفكرة. ماذا يفضل فراس من الكتب للمطالعة؟ قراءاتي متعددة أحب مطالعة الكتب التي تناول السير الذاتية، والدراسات النقدية وأتلذذ بالقصائد الشعرية، وكل الكتب التي ترصد الحالة الثقافية للواقع العربي والعالمي، كما أميل إلى مطالعة الكتب التي تحوي قضايا الفكر العربي والإسلامي خاصة تلك ما يرصد ظاهرة الإرهاب وصناعته. عندما تزورك سحابة حزن إلى أين يتجه فراس؟ يا أختي الحزن لا يزورني بل هو جزء من حياتي ويشاركني إياها، بل العكس لو استشرت الحزن في أمر مصاحبتي لتمنى الإبتعاد عني، ولذا فأنا أعيش حالة شعرية باستمرار. لحظات البوح أين تكمن؟ في كل هذا الوجود المترامي الأطراف، في لحظة عشق سرمدية وأبدية أعيشها مع من رضيت أن تشاركني أوجاع الحياة. ما الفرق بين الشعر والشاعرية؟ العلاقة كما أراها ليست علاقة فرق، بل علاقة سبب ونتيجة، بمعنى أن الشاعرية الحقيقية تنتج شاعرا حقيقيا يقول الشعر حتى ولو يكن معدودا في سلك الشعراء، داخل كل واحد فينا شاعر يالضرورة .. ثمة لحظات إشراق هي التي ندعوها بالشاعرية، وتجعل منه إنسانا، ولو لم ينظم الشعر كفن يقوله .. كموقف يعيشه.. كحياة.. كلحظة تجل وبهاء. كيف تقيم حركة النقد الأدبي في الوطن العربي؟ من خلال ما هو متيسر لدينا في فلسطين أستطيع أن أقول أن الحراك الثقافي والنقدي العربي في حيوية دائمة، أنتج نقادا جددا غرسوا النقد الإبداعي الحقيقي، لقد لمست مؤخرا فيما ينشر من دراسات نقدية التي نقرأها على صفحات الجرائد والمجلات أن النقد العربي بدأ يتحرر من عقد النقد الغربي، حيث أصبح النقد في الأونة الأخيرة سلسا وموجها وداعما ومفهوما وهو الشيء الذي نحتاج إليه عكس فترة الثمانينات والتسعينات التي شهدت ترديا في هذا المجال. إذا طلب منك ان تنظم قصيدة عن الجزائر ماذا تقول ؟ - ماذا لبشر أن يقول عن الجزائر وقد سطر التاريخ اسمها بحروف المجد، بطولات شعب روى بالدم ثرى طهورا قبست منه الشعوب الأخرى نورا ووهجا، فيكفينا أن نستذكر في صراعنا المرير مع العصابات الوحشية الإسرائيلية بالمناضلة جميلة بوحيرد، ونستضيء بنور مليون ونصف مليون شهيد، أو أن نعيش مع الطاهر وطار في قصصه ورواياته، كل ذلك بحالة وجدانية وروحية مع الجزائر والتي أتنمى أن تتيح لي الفرصة لزيارتها يوما. ماذا تقول فيه هذه الكلمات؟ فلسطين: جرح الأمة النازف، والطامة الكبرى التي جعلت للاعبين الكبار والصغار موطئ قدم ليستغلوا أحزانا معمدة بالخيانة لدماء الشهداء. الكتابة: مرفأ فرح مؤقت لنسيان الهموم. الحرية: مفهوم ليس له وجود في ظل الرأسمالية المتعفنة والفتاكة حرية المرأة: خدعة للضحك على أذقان الساذجات الحب: موقف عملي بعيدا عن الشعارات الرنانة والكلام المعسول الشباب: قوة دافعة للبناء أو موجهة للتدمير تماما كما هو في العالم العربي. الثقافة: مرجل من الأفكار التي تغلي من أجل التغيير. الدموع: مياه تطهر النفس من رجس الفرح المقتنص في غير وقته. سر السعادة: ؟في لقاء أحبتي همي يزول كلوثة الأحلام.