شيع آلاف الفلسطينيين، أمس، جثامين الشهداء الثلاثة الذين اغتالتهم قوة خاصة إسرائيلية صباح أمس في مدينة نابلس خلال عملية عسكرية أصيب فيها أيضا سبعة مواطنين آخرين بجروح متفاوتة. ووسط أجواء من الحزن والوعيد بالانتقام للشهداء الثلاثة عمت مظاهر الحداد مدينة نابلس بعد أن أقدم تجارها على إغلاق محلاتهم، بينما نظم المشيعون الغاضبون تجمعا شارك فيه عشرات الآلاف للتعبير عن تذمرهم مع الجريمة الإسرائيلية. وكانت قوة خاصة إسرائيلية اغتالت، فجر أمس، وببرودة أعصاب ثلاثة فلسطينيين لمجرد الاشتباه في تورطهم في مقتل مستوطن إسرائيلي الخميس الماضي في عملية اقتحام شنتها على مدينة نابلس بالضفة الغربية. وتضاف هذه الحصيلة الدموية إلى عملية اغتيال مماثلة ذهب ضحيتها ثلاثة مدنيين فلسطينيين آخرين في بيت حانون بقطاع غزة تعرضوا لإطلاق نار من قناصة إسرائيليين بدعوى اقترابهم من جدار العزل المقام على حدود القطاع لمحاولة القيام بعملية استشهادية بينما كان هؤلاء يقومون بجمع قطع الحديد على أمل إعادة بيعها. واجتاحت قوة خاصة إسرائيلية على متن سيارات عسكرية، فجر أمس، مدينة نابلس وقامت بقتل غسان شرك ورائد السركجي البالغين من العمر أربعين عاما وعنان الصبح الذي لم يتعد الواحدة والثلاثين من العمر ببرودة دم ودون أي تحذيرات مسبقة أمام عائلاتهم بمدينة نابلس في شمال الضفة الغربية. وبررت إدارة الاحتلال هذه العملية بتورط الثلاثة في مقتل مستوطن إسرائيلي الخميس الماضي في نفس المدينة. ونفت مصادر فلسطينية الاتهامات الإسرائيلية وأكدت أن عنان الصبح كان فعلا عضوا نشطا في كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح، ولكنه امتثل لقرارات السلطة الفلسطينية باحترام الهدنة مع الاحتلال، بينما يبقى الشهيدان الآخران مجرد مناضلين في نفس الحركة. وكان مستوطن يهودي ومدير مدرسة تلموذية في نابلس وجد مقتولا على متن سيارته في طريق يؤدي إلى إحدى المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية في عملية تبنتها مجمعة أطلقت على نفسها، أمس، عماد مغنية القائد العسكري لحزب الله الذي اغتيل من طرف المخابرات الإسرائيلية في سوريا العام الماضي. وأعلن الحداد امس في كافة أنحاء مدينة نابلس بالضفة الغربية بدعوة من لجنة التنسيق الفصائلي في المحافظة على اثر العدوان الإسرائيلي الخطير على المدينة وعلى قطاع غزة والذي أدى الى استشهاد ستة فلسطينيين وإصابة آخرين. وفي أول رد فعل لها على هذه العملية توعدت كتائب شهداء الأقصى التي ينتمي إليها الشهيد عنان الصبح إسرائيل برد قاس على اقتراف قواتها لتلك المجزرة التي وصفتها بالجريمة الجبانة" وأن الاحتلال فتح على نفسه أبواب جهنم بإقدامه على اغتيال الشهداء الثالثة. وأكد بيان الكتائب أن نشطاءها لن يقفوا مكتوفي الأيدي ودماء المجاهدين تستباح في كل مكان ولن يرى العدو منا إلا لغة الدم والنار وسيخرج له استشهاديونا من كل مكان ليحولوا ليله إلى نهار وسيندم على جريمته فنحن لا ننام على دم مجاهدينا والرد سيكون سريعا". وبهذه العملية تكون إدارة الاحتلال قد كسرت هدنة أمنية عمرت لقرابة العامين بينها وبين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وهي بذلك قد فتحت فعلا أبواب جهنم عليها وخاصة في ظل عمليات الشحن العنصرية للمستوطنين اليهود ضد كل ما هو فلسطيني وخاصة في مدينة نابلس نفسها التي تعيش على وقع هجمات منظمة لمئات المستوطنين ضد السكان الفلسطينيين في مسعى لإرغامهم على الرحيل والمغادرة وإفساح المجال أمامهم لإقامة مشاريعهم الاستيطانية بتزكية من الحكومة اليمينية. وهي المخاوف التي حذر منها رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الذي وصف اغتيالات نابلس باستهداف "حالة الأمن والاستقرار التي تمكنت السلطة من تحقيقها وقال إنها "تمثل تصعيدا خطيرا ولا يمكن النظر إليها إلا في سياق استهداف حالة الأمن والاستقرار التي تمكنت السلطة الوطنية من تحقيقها". وقال فياض إن التصعيد الإسرائيلي يأتي ضمن "محاولة مفضوحة لخلط الأوراق بهدف التهرب من الاستحقاقات السياسية المطلوبة من إسرائيل وخاصة المتعلقة بوقف الاجتياحات العسكرية للأرض الفلسطينية ووقف الاستيطان وممارسات المستوطنين الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني". وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة تعقيبا على جريمتى نابلس وبيت حانون والعودة إلى سياسة الاغتيالات والقتل العشوائى بحجج واهية يكشف أن حكومة الاحتلال قررت تدمير أمن واستقرار الشعب الفلسطيني". وأضاف أبو ردينة أن الجريمة الدموية التي ارتكبها جيش الاحتلال تأتى فى سياق تخريب النجاحات التي حققتها السلطة الوطنية فى الضفة الغربية ولتدمير الهدنة فى قطاع غزة من خلال العودة إلى مربع العنف والتصعيد الدموي ضد الشعب الفلسطيني تمهيدا لاستحضار ذريعة "لا يوجد شريك فلسطيني" والطعن بجدارته فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف للتهرب من التزاماتها الدولية لتحقيق السلام.