تقبل الأسر الجزائرية اليوم بكثرة على مختلف أنواع القروض الاستهلاكية دون دراسة ومخطط تسيير مسبق لميزانيتها في محاولة منها للظفر بكثير من الكماليات التي حولتها الرغبة في مواكبة رياح العصرنة إلى أساسيات يجب أن يتوفر عليها كل بيت. دفعت رغبة امتلاك سيارة أو شقة وغيرها الكثير من الأسر الجزائرية إلى الولوج إلى عالم القروض الاستهلاكية ليتمكنوا من تحقيق أحلامهم التي عجزوا عن تحقيقها بسبب عدم تمكنهم من تغطية المصاريف اليومية. وأصبحت الإعلانات التي تملأ يوميا صفحات الجرائد تغري أرباب الأسر وتدفع الكثير منهم إلى تجريبها خاصة الأسر التي يعمل فيها الزوجان، حيث يتم تخصيص مرتب احدهما لتغطية مصاريف القرض ويخصص الثاني للبيت، وأصبح أمر اقتناء السيارة ممكنا بعد أن كان حلما يراود مخيلة الكثيرين. أما القروض السكنية فقد أخذت لوحدها نسبة كبيرة من المقبلين على القروض الاستهلاكية وظفرت بنصيب الأسد من مرتبات الموظفين خاصة الذين عانوا لسنوات طويلة من أزمة السكن. يقول عبد الحميد موظف إن القروض الاستهلاكية حتى وان كانت مهلكة للميزانية إلا أنها حلت الكثير من المشاكل، ويضيف انه ضد أن يقبل موظف بسيط على الجري وراء قرض لشراء سيارة يؤدي به ذلك إلى مشاكل جمة تنعكس على مستوي معيشته وترمي به إلى مهالك الديون وما يترتب عنها من مشاكل أرى انه من الأفضل أن يلجا إلى القرض الذي يسمح لنا من امتلاك أشياء ضرورية كالشقة مثلا فمهما عانى الموظف من تبعات القرض أرى أن البيت يستحق ذلك أما غيره فاعتقد أن كل ذلك كماليات يمكننا الاستغناء عنها. ويرى زميله بالعمل السيد مختار أن الكثير من معارفه ممن استفادوا من قروض لشراء السيارات يتخبطون حاليا في الدين وأحسنهم حالا يعتمد على مرتب زوجته أو مساعدة خارجية أخرى كاضطراره للعمل في مكان آخر في الليل أو خارج ساعات دوام عمله الأول. مرتب الزوجة حل للأزمات العابرة غامر الكثير من أرباب الأسر بالدخول إلى عالم القروض الاستهلاكية وأغلبهم وافقوا على ذلك لاعتمادهم على مرتبات زوجاتهم لإنقاذهم إذا حدث طارئ ما، والأكثر من ذلك أن عدد منهم يستحوذ كليا على مرتب الزوجة بحجة أنها هي من أرادت امتلاك سيارة، أو هي التي تتملكها رغبة العيش مع أسرتها في بيت مستقل. تقول سعيدة معلمة إن مرتبها يدخل بالكامل في يد زوجها كل شهر لأنهما قاما بشراء سيارة مؤخرا باسم زوجها عن طريق القرض تلبية لرغبتها، لكن زوجها كما قالت خيرها بين السيارة ومرتبها الذي ستكون مجبرة على الاستغناء عنه لمدة طويلة. موقف سعيدة يشبه موقف الكثير من أرباب الأسر التي أغرتها مختلف أنواع القروض التي وجدوا أنفسهم يترقبون كل جديد عنها بفارغ الصبر، فمن انتهى من تسديد قرض السيارة تجده يبحث عن قرض آخر، ولا يمنح لنفسه أو لمرتبه فرصة لاسترجاع أنفاسه وكأن الناس قد تعودوا على ألا تخلو أجندتهم من الديون المختلفة. ديون أنتجت الديون وجد أرباب الآسر أنفسهم أمام مأزق توالد الديون وعدم مقدرة مرتباتهم وأحيانا مرتبات زوجاتهم أيضا على تغطية كل المصاريف خاصة مع الدخول الاجتماعي الأخير الذي تزامن مع مناسبات أخرى يرتفع فيها حجم الإنفاق، وقد أدى ذلك إلى لجوء العديد منهم إلى الاقتراض لتغطية المصاريف المهمة والمستعجلة كالدخول المدرسي ورمضان الذي اثر فعلا على ميزانية السر، وأوصل أغلبها إلى الحضيض لاسيما الأسر التي يقتطع جزء من مرتبها لتسديد ديون القروض المختلفة. ويبدو أن الرغبة في التمتع بكماليات الحياة قد حجبت الكثير من عيوب القروض الاستهلاكية عن عيون المواطنين وأدى جهل الكثير منهم للكثير من تفاصيلها وشروطها إلى الوقوع في مشاكل عديدة أثرت حتى على حياتهم الأسرية واستمرارها وقلبت ميزانية أسرهم رأسا على عقب.