لقد أثبت ما سمي ''التحالف الرئاسي'' الذي ظهر للوجود بمناسبة الانتخابات الرئاسية الأخيرة قدرته على التماسك والاستمرار، بعد أن استطاع التأسيس لعمل حزبي مشترك رغم نقاط الاختلاف في البرامج والتوجهات. لم يتأثر هذا التحالف بما حيك له من مؤامرات قصدت تصدعه وهز أركانه، ولم يتأثر حتى بما حدث داخل أحزاب التحالف نفسها من انشقاقات، على غرار ما حدث في جبهة التحرير غداة الانتخابات الرئاسية أو ما يحدث هذه الأيام داخل حركة حمس. إن ثبات هذا التحالف له أكثر من دلالة، ولعل الواضح فيها هو أنها أحزاب استطاعت أن تقتل أنانياتها، وأن تجعل مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات الأخرى، فجبهة التحرير تمسكت به وأمينها العام يقود قاطرة الحكومة، وتمسكت حين أوكل الأمر لحليفها الأرندي، وتمسكت به حركة حمس في الحالتين معا، وكذا فعل الأرندي. إن نجاح التحالف بين الأحزاب الثلاث أثبت نجاعته وإسهامه الكبير في شتى المحطات التي مرت بها بلادنا، وكذا في مجال التنمية الشاملة تطبيقا لبرنامج رئيس الجمهورية. لقد نجح التحالف في الانتخابات الرئاسية السابقة، ونجح في توحيد مواقفه وبلورة الرؤى والتصورات في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، ونجح في العمل على انسجام منتخبيه سواء على المستوى المحلي أو الوطني وجنب البلاد كثيرا من الانسدادات، ونجح كذلك في التنسيق على مستوى العمل الحكومي، وهو اليوم يضيف إنجازا آخر يتمثل في توحيد موقفه من مسألة تعديل الدستور. إن استمرار هذا التحالف دليل آخر على أن قادة هذه الأحزاب، قد انطلقوا من قناعات راسخة منبثقة من قناعات مناضليها وهو ما انعكس إيجابا على مستوى الأداء الحزبي، حيث القدرة على الاستثمار في نقاط التقاطع، وحيث العمل على ترقية القواسم المشتركة دون ذوبان أحدها في الآخر، أي دون المساس بمبدأ التعددية الحزبية الذي هو مكسب من مكاسب الديمقراطية في الجزائر.