طالب أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم، أمس، من الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي بتقديم توضيحات حول خلفيات »الاتفاق السياسي« مع حزب العمال، ولم يتوان في التأكيد بأن حمس تعارض أن يدخل شريكاها في التحالف الرئاسي في ائتلافات أخرى »غير ظرفية«، حيث لم يستبعد أن تخرج قمة التحالف المرتقبة يوم 3 فيفري المقبل بقرارات تتضمن إقرار بعض التعديلات في وثيقة تأسيس هذا الائتلاف الذي اعترف بفشله ميدانيا. انتقد رئيس حمس بشدّة الاتفاق الأخير الذي أبرمه الأرندي مع حزب العمال، واعتبره من بين المؤشرات التي تؤكد أن التحالف الرئاسي لم يحقّق الأهداف التي أسّس من أجلها باستثناء الالتفاف حول برنامج الرئيس، واتهم شريكيه بما أسماه »الأنانية السياسية« في التعامل مع بعض المتغيّرات، مستندا في ذلك إلى الشرخ الحاصل بين مرشحي الأحزاب الثلاثة في الانتخابات الأخيرة لتجديد أعضاء مجلس الأمة. وأعلن أبو جرة سلطاني بشكل صريح أنه ضد »الاتفاق السياسي« بين الأرندي وحزب العمال، على أساس أن حمس ترفض دخول شريكيها في التحالف في ائتلافات موازية، وقد ترك المتحدّث انطباعا بأنه لا بد على زعيم الأرندي تقديم توضيحات حول طبيعة هذا الاتفاق بقوله: »نحن لسنا ضد التحالفات التي تتمّ خارج التحالف الرئاسي إن كانت ظرفية، أما إذا كانت دائمة فإننا نطالب بمراجعة بعض العناصر في وثيقة تأسيس تحالفنا..«. وأشار زعيم حمس الذي نزل ضيفا أمس على حصة »بكل صراحة« للقناة الثالثة للإذاعة الوطنية، إلى أن قمة التحالف الرئاسي المقبلة ستكون حاسمة لتحديد بعض العناصر الجديدة التي تركتها انتخابات 28 ديسمبر الماضي والتي تتعلق بمستقبل التحالف الرئاسي، حيث أورد بأنه »لا تزعجنا التحالفات الظرفية مثل ما حدث في انتخابات مجلس الأمة الأخيرة، ولكننا ننزعج إذا استمر الأمر ودام..«. ويخفي هذا التصريح انشغال الحركة البالغ من استمرار التحالف بين الأرندي وحزب لويزة حنون، وقد بدا ذلك واضحا من خلال كلام رئيسها الذي جاء فيه »وإذا بقي الأمر على ما هو عليه فإننا سنطالب بتوضيحات خلال قمة التحالف الرئاسي المرتقبة يوم 3 فيفري المقبل«، والأكثر من ذلك فإن سلطاني هدّد باللجوء إلى خطوات أخرى عندما أوضح »إننا سنتخذ قرارات ونفتح حوارا بخصوص الرؤية المستقبلية لهذا التحالف«. كما قدّم المتحدث قراءة أخرى لطبيعة الاتفاق بين الأرندي وحزب العمال وهي تتعلق ب »فشل التحالف الرئاسي«، مشيرا إلى أن هذا الائتلاف الذي تم التوقيع على وثيقة تأسيسه في 2003 »لم يذهب بعيدا في تحقيق أهدافه« رغم تأكيده نجاح الأخير في كونه »خيارا إستراتيجيا«، قبل أن يستدرك ويقول: »باستثناء نجاح التحالف في الحكومة وبعض المؤسسات فإنه لم يكن له صدى أفقيا على مستوى المجالس المحلية المنتخبة وكذا مناضلي الأحزاب الثلاثة«. ولتعزيز هذا التقدير فإن رئيس حركة مجتمع السلم عاد إلى ما عرفته انتخابات مجلس الأمة الأخيرة من »أنانية لكسب المقاعد« خاصّا بالذكر الخطوة التي أقدم عليها الأرندي والتي كانت وراء الخسارة المدوّية التي تلقتها حمس التي لم تفز سوى بمقعدين، وبرأيه فإن تطوير التحالف الرئاسي إلى شراكة سياسية مثلما تطالب بذلك حركته »يبقى بحاجة إلى نقاش معمّق..«، وأشار هنا إلى ما أسماه »الانكماش الحاصل على مستوى الألوان السياسية«. ولم يسلم البرلمان بغرفتيه من انتقادات أبو جرة سلطاني الذي أكد أنه »فشل وتخلّى عن تأدية مهامه الأساسية وهي التشريع والرقابة على الجهاز التنفيذي«، مرجعا هذا الفشل إلى المنظومة الانتخابية التي قال إن فيها الكثير من الاختلالات »لأنها لا تشجّع على انتخاب كفاءات قادرة على لعب دورها النيابي وإنما يقتصر الأمر على انتخاب أشخاص لا يهمّهم سوى كسب الأموال والبقاء في مناصبهم«، قبل أن يطالب بضرورة إقرار فصل واضح في السلطات. أما بخصوص فضائح الفساد التي شملت حتى وزارة الأشغال العمومية التي يشغلها وزير من حمس، فإن سلطاني أشار إلى أنه »كنت أسعد الناس بعد التعليمة التي أصدرها رئيس الجمهورية إلى الوزير الأول بشأن تعزيز آليات محاربة الفساد«، وقال معلّقا على فضيحتي الطريق السيّار شرق-غرب وشركة سوناطراك »هذه الملفات توجد على مستوى العدالة الجزائرية التي ستفصل فيها ونحن لا نعلّق عليها«. كما هاجم رئيس حمس الإجراءات الرقابية المشدّدة التي اتخذتها كل من فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية تجاه الرعايا الجزائريين، مطالبا بالإقرار بمبدأ المعاملة بالمثل، كما لم يتوان في تبرير إقرار مثل هذه الإجراءات برفض الجزائر إقامة قواعد عسكرية على أراضيها »إنهم يريدون معاقبتنا على مواقفنا السيّدة، ونحن لا نقبل أن يعاملونا بأننا دولة للإرهاب..«، مشيرا إلى أن قانون المالية التكميلي كان هو الآخر وراء إدراج الجزائر ضمن قائمة دول الخطر، وتحدّث عن زيارات دبلوماسية للاحتجاج على تلك الإجراءات، واعتبر أن محاولة التدخل »أمر غير مقبول لأن الجزائر سيّدة في قراراتها وهي تتخذ ما تراه مناسبا لحماية مصالح أجيالها«.