(مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا) [الحديد : 22]، جف القلم.. رفعت الصحف.. قضي الأمر.. كتبت المقادير.. لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.. ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. إن هذه العقيدة إذا رسخت في نفسك وقرت في ضميرك صارت البلية عطية، والمحنة منحة، وكل الوقائع جوائز وأوسمة، ''من يرد الله به خيرا يصب منه''، فلا يصيبك قلق من مرض أو موت ابن، أو خسارة مالية، أو احتراق بيت، فإن الباري قد قدر والقضاء قد حل، والاختيار هكذا، والخيرة لله، والأجر حصل والذنب كُفِّرَ . هنيئا لأهل المصائب صبرهم ورضاهم عن الآخذ، المعطي، القابض، الباسط، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. اعلم أنه لن تهدأ أعصابك وتسكن بلابل نفسك، وتذهب وساوس صدرك حتى تؤمن بالقضاء والقدر، جف القلم بما أنت لاق، فلا تذهب نفسك حسرات، لا تظن أنه كان بوسعك إيقاف الجدار أن ينهار، وحبس الماء أن ينسكب، ومنع الريح أن تهب، وحفظ الزجاج أن ينكسر، هذا ليس بصحيح على رغمي ورغمك، وسوف يقع المقدور، وينفذ القضاء، ويحل المكتوب (فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ) [الكهف : 29]. استسلم للقدر قبل أن تطوق بجيش السخط والتذمر والعويل، اعترف بالقضاء قبل أن يدهمك سيل الندم، إذن فليهدأ بالك إذا فعلت الأسباب، وبذلت الحيل، ثم وقع ما كنت تحذر، فهذا هو الذي كان ينبغي أن يقع، ولا تقل: ''لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل''.