يبدو أن الانتعاش الثقافي الذي تشهده الساحة الثقافية خلال السنوات الأخيرة لم يمس بأي شكل من الأشكال ولايات الجنوب الجزائري التي مازالت ترزخ تحت الإهمال والتأخر الثقاقي الصارخ. وقد وقفنا على هذا الوضع المزري خلال زيارتنا الأخيرة لولاية تمنراست في إطار تغطية فعاليات المهرجان الثقافي الوطني للأغنية الامازيغية الذي أدرجته وزارة الثقافة في سياق برنامجها المتعلق بتفعيل الحركة الثقافية لولايات الجنوب. مكتبة البلدية ومسرح الهواء الطلق ودار الثقافة وقاعة سينما هي كل الهياكل التي تلخص المشهد الثقافي لولاية تمنراست ذات ال 198 ألف مواطن مقسمين على 10 بلديات، ما يعكس الإهمال الكبير للسلطات المحلية لجانب التنمية الثقافية في منطقة تعتبر قبلة لآلاف السياح سنويا. وخلال الجولة التي قادتنا إلى تلك المنشآت الثقافية التي بدت قاصرة إلى حد كبير شدنا الغموض الذي اكتنف قاعة السينما التابعة لبلدية تمنراست وهي الوحيدة على مستوى الولاية وتقع وسط المدينة، حيث لم نجد ما يدل على أنها قاعة سينما فلا لافتة ولا إشارة تدل على نشاط القاعة زيادة على خلوها التام من أي مرفق عمومي، ولعل ما زاد من شكوكنا حول حقيقة ما يجري في الداخل ما لاحظناه ذات مساء، حيث كانت الساعة تقارب التاسعة مساء وهو الموعد الذي كانت قد انطلقت خلاله الفترة الأولى للعروض السينمائية ورغم أن العرض كان جاريا في ذات الوقت الذي كنا نتحدث فيه مع المسؤول عن القاعة إلا انه منعنا من الدخول أو حتى الاطلاع على نوع الفيلم الذي كان يعرض، مدعيا أن القانون الداخلي للقاعة يمنع دخول النساء إلى قاعة العرض بحكم عادات وتقاليد المنطقة. وعن سؤالنا له عن نوع الأفلام التي يتم عرضها عادة أكد المسؤول أن أغلبها أفلام عاطفية وهي نقطة أخرى جرتنا إلى التساؤل عن سبب التركيز على الأفلام العاطفية مع أن كل العروض السينمائية موجهة إلى الشباب المعروفين عادة بميلهم لأفلام الاكشن. تساؤلات وشكوك كثيرة قادتنا إلى التوجه لعدد من الشباب الذين حاصرونا بنظرات دهشة وازدراء بسبب خروجنا من تلك القاعة المشبوهة التي أكدوا أنها بؤرة من بؤر الفساد بمدينة تمنراست، موضحين أن هذه القاعة التابعة في الأساس لبلدية تمنراست مختصة بعرض كل أنواع الأفلام المشبوهة خاصة منها أفلام الجنس مركزين على السمعة السيئة لمسير القاعة والشباب الذي يتردد عليها. ولمعرفة المزيد عن هذه القاعة المشبوهة اتجهنا إلى السيد فريد بقباقي مدير الثقافة لولاية تمنراست الذي لم ينف تلك المعلومات التي جمعناها عن الموضوع، مؤكدا مجهودات مديرية الثقافة من أجل أن تكون لها سلطة فعلية على القاعة كما هو حال باقي هيئاتها الثقافية وجعلها تحت تصرفها إلى جانب المسرح البلدي. وفي انتظار تحقيق ذلك تبقى القاعة المذكورة تحت تصرف من لا علاقة ولا أحقية له في تسيير وإدارة هكذا فضاءات.