صورة من الأرشيف حذّر الدكتور حسن مبارك طالب، رئيس مكتب الدراسات والبحوث بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، من تفشي ظاهرة انحراف الأطفال في الجزائر جراء ظاهرة التسرب المدرسي الذي يذهب ضحيته سنويا نصف مليون تلميذ يتلقفهم الشارع ليمتهنوا مختلف أنواع الجريمة والانحراف. * * وأكد المتحدث، أثناء إشرافه على الندوة الأولى حول ظاهرة "انحراف الأطفال" التي احتضنتها أول أمس جامعة الجزائر على مدى ثلاثة أيام، أن السبب الأول في ارتفاع معدلات التسرب المدرسي في الجزائر يرجع أساسا إلى فشل النظام التعليمي الحالي في تحقيق أهدافه وابتعاد المدرسة الجزائرية عن دورها التربوي، مما حوّلها - حسبه - إلى مؤسسة لا تلبّي رغبات واحتياجات الأطفال الذين عادة ما يتسرّبون منها نتيجة رفضهم لها أو عدم قدرتهم على مواكبة تعقيدات الدراسة التي باتت تتميز بها. وكشف رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، البروفسور مصطفى خياطي، عن تسرب قرابة 500 ألف تلميذ سنة 2006، وأكد الباحث حويتي أحمد تسرب 570 ألف طفل سنة 2007 -حسب إحصائيات وزارة التربية الوطنية- والأرقام مرشحة للارتفاع في السنوات القادمة -حسب المختصين- إذا لم تتدخل الدولة في تحسين أوضاع المدرسة الجزائرية وسنّ قانون جديد يمنع من طرد الأطفال من المدارس. * وفي هذا الإطار، اقترح المتحدث إعادة النظر في النظام التعليمي الحالي بما يواكب احتياجات وقدرات الأطفال، وتوفير مساحات للعب داخل المدارس مما يساعد الطفل على التحصيل والتعلق بالمدرسة، كما دعا إلى تزويد المؤسسات التربوية بمرشدين اجتماعيين يعملون على الوقاية القبلية للتلاميذ ومعرفة مختلف العلل التي قد تنتابهم في المستقبل، بالإضافة إلى تحسين أسلوب التعامل مع التلاميذ بدل اعتماد أساليب العقاب والتعنيف التي تعرض لها 40 بالمائة من التلاميذ في الجزائر. * وأضاف الدكتور حسن مبارك طالب أنه لا وجود لأي وسيلة ردعية يمكنها أن تمنع الجريمة والانحراف كما يروّجه البعض، وهذا ما تفسره الأرقام المتزايدة لهذه الظاهرة في الجزائر، حيث تورّط 7 أطفال على الأقل في جرائم قتل عمدي سنة 2007، إضافة إلى آلاف الأحداث الذين حُوّلوا إلى القضاء أو مراكز إعادة التربية بتهم مختلفة، واحتلت السرقة صدارة الجرائم التي حوكم عليها أحداث جزائريون خلال العام المنصرم، بحوالي 1500 متورط حسب مصادر قضائية، تليها الاعتداءات الجسدية الممثلة في الضرب والجرح العمدي بقرابة 800 قضية، مع تسجيل ارتفاع خطير لظاهرة الاعتداء على الأصول، إضافة إلى تعاطي المخدرات وحيازة الحبوب المهلوسة. * واعتبر المتحدث أول خطوة للوقاية من هذه الظاهرة هو فهم نفسية ودوافع الطفل المنحرف الذي يحاول التعبير عن حالة ضياع وافتقار للحنان والعطف، مما يضطره للقيام بأفعال يجسّد من خلالها حالة الرفض والغضب الذي ينتابه جراء عدم الرضا عن الواقع الذي يعيشه، ولهذا اعتبر الدكتور أن أهم وسيلة للوقاية من انحراف الأحداث هي التغلب على الدوافع والظروف التي تؤدي بالفرد إلى اتّباع سلوكيات إجرامية أو منحرفة وشاذة عن طريق توفير احتياجات الطفل في مختلف مراحله العمرية. * وتجدر الإشارة إلى أن جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية تعد الجامعة الوحيدة على المستوى العربي المتخصصة في دراسة جميع المظاهر الأمنية، وهي تابعة لجامعة الدول العربية مقرها بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية.