كل من تجبر في الأرض سيذل، طال الزمن أم قصر، هذه هي سنة الله عز وجل في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولا تحويلا، والتاريخ الإنساني حافل بمصارع الجبابرة الذين تكبروا على الخلق، وعاثوا في الأرض فسادا، ومن باب المواساة والتعزية لأنفسنا وأهلنا في غزة الصامدة نعرض في هذا المقال نماذج لجبابرة تكبروا وطغوا في الأرض، وكانت نهاياتهم مذلة ومخزية، فأصبحوا عبرة لمن لا يعتبر، ودرسا لمن ينتظر. النمروذ النمروذ رجل جبار عاش زمن الخليل ابراهيم عليه السلام، وقد طغى في الأرض وادعى الألوهية ومقتضياتها عن حمق وبلادة في عقله، وقد أذله الله عز وجل جعل مقتله بسبب حشرة صغيرة، دخلت تجويف دماغه وسببت له آلاما مبرحة صار يطلب بسببها القتل وضرب الرأس بالسيف! ولكن من ذا الذي يحقق له مطلبه ويجرؤ على ضربه وقتله؟ هو الملك والمالك صاحب القوة والبظش كما ادعى، وبقي على تلك الحال يتخبط ويضرب رأسه بكل يابس وصلب حتى مات ذليلا. فرعون قصة فرعون مع موسى من أكثر القصص ذكرا في القرآن الكريم، وقد بلغ فرعون من التجبر في الأرض مبلغا كبيرا نسي فيه نفسه وحقيقته، وادعى أنه رب يستحق العبادة ووجد من يصدقه في ذلك ولو تأمل في نفسه أدنى تأمل عندما يدخل المرحاض ويعسر عليه إخراج برازه لعلم أنه عبد ضعيف يحتاج إلى من يرحمه في ذلك الموقف كما رحمه في بطن أمه. ورغم ما جاءه به الآيات والمواعظ البينة، لينتهي عن غيه ويعود إلى رشده إلا أنه أبى، وبقي مصرا على تجبره وعناده حتى مات شاهقا لماء مالح أجاج يجرعه بغصة وألم وهو ذليل ضارع نادم، ولكن، لات حين مندم. الحجاج: سنن الله عز وجل ثابتة ومطردة، لا تحابي أحدا، ولا تميز بين الخلق لا على أساس عرق ولا دين ومن هذه السنن الاقتصاص من الظالم المتجبر، ولو كان مسلما وقد قال النبي عليه السلام: ''اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب''، والحجاج بن يوسف الثقفي من الذين تجبروا وطغوا وعاثوا في الأرض فسادا، وحيث أننا نكل أمره إلى خالقه بعد أن أفضى إلى ما قدم، إلا أننا نذكر أفعاله المخزية وتجبره تعزية للمظلومين ومن المواقف التي تدل على تجبره وظلمه قصفه للكعبة بالمنجنيق نكالا بعبد الله بن الزبير حفيد أبى بكر الصديق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحب الرجال إليه، ومنها أيضا قتله لولي من أولياء الله عز وجل ظلما وعدوانا، حيث حفظ التاريخ قصة إعدامه للتابعي الجليل سعيد بن جبير، وهي قصة مليئة بالعبر والعظات نأخذ منها موقفا واحدا يهمنا في هذا الموضوع، وذلك حين دعا عليه سعيد بن جبير قائلا: اللهم لا تسلطه على أحد بعدي، ودعا الحسن البصري عليه: اللهم يا قاصم الجبابرة، أقصم الحجاج. وسمع الله الدعاء واستجاب لعبده المظلوم، وأذاق الجبار طعم الموت الذي طلبه المظلوم، فلم يمت حتى أصابته دعوة ابن جبير كما اعترف هو بذلك،، وأصابه الله بمرض خبيث ووقع من جوفه دود وصار نتنا لا يستطيع أحد الاقتراب منه حتى مات ذليلا حقيرا. شارون وبوش: هما وجهان لعملة واحدة، هي عملة التجبر والظلم في عصرنا، وكل العالم على دراية وعلم بما قاما به من إجرام وفساد وتخريب، ليس هذا مقام ذكره، إنما نذكر ما انتهى إليه أمرهما من الذلة والخزي. فالوجه الأول لعملة التجبر في عصرنا فقد بدأ ينمحي ولم يبق منه إلا بعض الأثر، وهو الآن بين الموت والحياة وكفى به عذابا، فهو عذاب أهل النار ذاقه في الدنيا قبل الآخرة. أما الوجه الثاني للعملة السابق فإن بداية انتهائه تعبر عن مآله الذي نتمناه وننتظره بشوق، ومن منا لم يشاهد ذلك الموقف المخزي لبوش وهو يضرب بحذاء مقاسه 44 كل رقم فيه يحمل قدرا من نجاسة المرحاض الذي دخله منتظر الزيدي- صاحب الحذاء- قبل حضور الندوة الصحفية، ولا شك أنها كانت نجاسة متنوعة في مكوناتها وروائحها النتنة نتانة الوجه الذي صوبت نحوه وليتها أصابته ليتم اللقاء ويبلغ الإذلال قمته ومنتهاه. وبعد: فهذه بعض النماذج التي تتكرر في كل عصر، ولا شك أن في ذكرها تسلية لنا ولإخواننا المكلومين في غزة والعراق. وبما أن السنن الكونية مطردة- كما ذكرنا- وواقعة بلا شك، فنحن في انتظار مآلات أكثر إذلالا واحتقارا لأولئك الصهاينة- أولمرت وشيعته- من الذين تولوا كبر الهجوم على غزة وأهلها.