هذه مجموع كلمات تتعلق بصفات لشخصين في الحياة، نشأ كل واحد على مانشأ عليه من الخلال والأخلاق، وقد أشار إلى ذلك أحد شعراء العرب قديما لما أنشد : وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ماكان عوَّده أبوه وزادت البيئة التي يعيشها كل واحد في صقل خلال كل منهما، إذ لا ينكر أحد منا ما للبيئة من أثر واضح في تكوين شخصية الفرد وانجذابه نحو الجوانب والصفات الإيجابية أو نحو الجوانب السلبية، ولا يمكن تجاهل العلاقات الوطيدة بين الإنسان والجماعة التي يحيا فيها، ولا إنكار التفاعل المتبادل بين الفرد وبيئته، فالمرء بالنسبة لبني قومه أحب أم كره لبنة في بناء متماسك، أو غصن في شجرة باسقة، والإنسان كما يقرر علماء الاجتماع حيوان اجتماعي، مدني بطبعه . وكما قال أحدهم: ( علماء الأخلاق اتفقوا على ما للوراثة والبيئة من آثار ضخمة في أحوال المرء وأعماله، وإن اختلفوا أي العنصرين أعمق غورا، وأعظم خطرا، ونحن نعرف أن تكوين الخلق تدخل فيه عوامل شتى، من بينها الطباع التي تقذف بها الوراثة، وتتميز بها الملامح النفسية لكل إنسان . ومن بينها كذلك ظروف البيئة التي تجمع البيت والمدرسة والأصدقاء وشؤون الصحة والمرض، والفقر والغنى، والأمن والقلق، والحر والبرد، وما نقرأ من صحف، وما نسمع من أنباء ومعارف إلخ . والخلق لا شك قوام كل سلوك، وروح كل عمل ) ومن غير المهم الآن أن ندخل في الخلاف الدائر بين علماء التربية والأخلاق في تأثر المرء ببيئته أو بالسلوكات التي تسللت إليه عبر آبائه فنضح بها على الناس خيرا أو شرا. أعجبني وأنا أطالع صفحات الأنترنت هذه الأقوال التي تصف شخصين في الحياة وهما كل إنسان في مسرح هذا الوجود، تميز أحدهما بالسلبية ولازمته ظلا، لزوم العصا شيوخنا وعجزتنا، وكان الآخر على النقيض من هذه الشخصية فكان إيجابيا فعالا، كالغيث العميم حيثما حل نفع. وإن فطنة القارئ لتتنبه إلى شيء مهم وهو أن وجود مثل هذين الشخصيتين في بيئة كالتي نحياها، يختلف عن وجودهما في بيئة كالتي يعيشها الغرب من الجد والمثابرة والنشاط في العمل، إذ أن البيئة العربية من البيئات الخاذلة المثبطة، في حين أن الثانية بيئات دافعة منشطة، مستعيرا هذا التعبير من العلامة ابن عرفة الذي وصف به إحدى البيئات الدينية في مصر. كما أن فطنة القارئ لتتنبه إلى شيء آخر، وهو أن الصنفين يوجدان في كل دواليب المجتمع، فإنك لواجد أثرا لهم في التعليم والتجارة كما تجدهم في ميدان السياسة والاقتصاد. وكنت أريد أن أعلق على كل مقولة إلا أنني آثرت أن تقرأ مجردة من