أقر رئيس الحكومة التونسية المكلف الحبيب الجملي بفشل المفاوضات مع الأحزاب المعنية بتكوين الحكومة، معلنا خلال ندوة صحفية عزمه تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة، واستبعاد جميع الأحزاب بعد المشاورات التي استمرت لأكثر من شهر. ويأتي موقف الجملي -الذي وصفته بعض الأوساط السياسية ب”الصادم”- بعد أيام من إعلانه التوصل إلى اتفاق مبدئي لتشكيل حكومة سياسية مكونة من فصائل حزبية محسوبة على الخط الثوري. وكان رئيس الحكومة المكلف قد دعا لندوة صحفية مستعجلة مساء أمس، بعد أن قطع اجتماعا دعا له رئيس الجمهورية قيس سعيد مع رؤساء الأحزاب المعنية بتشكيل الحكومة، وعلى رأسها حركة النهضة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس، في محاولة لدفع مشاورات تشكيل الحكومة التي وصلت لطريق مسدود. وحمل الجملي ثلاثة أحزاب -لم يذكرها بالاسم، في إشارة إلى التيار الديمقراطي (22 نائبا من أصل 217)، وحركة الشعب (15 نائبا)، وتحيا تونس (14 نائبا)- مسؤولية تعثر المفاوضات رغم ما وصفها بتنازلات كان قد قدمها إعلاء للمصلحة الوطنية ولدقة المرحلة التي تعيشها البلاد. وكان حزب التيار الديمقراطي قد خاض مفاوضات وصفت بالشاقة مع حركة النهضة خصوصا، بهدف المشاركة في حكومة الجملي، وعلى الرغم من إعلان بعض من قياداتها التوصل إلى اتفاقات ترضي جميع الأطراف فإنها فاجأت الجميع بقرارها الانسحاب من مفاوضات تشكيل الحكومة. وبرر التيار هذا الانسحاب في بيان رسمي بما وصفه بغياب مناخ الثقة مع بعض الشركاء في المفاوضات، وعدم ارتقاء التصور العام لحكومة الجملي للتحديات المطروحة على البلاد. وحمل الناطق باسم حركة النهضة عماد الخميري، أن كلا من التيار الديمقراطي وحركة الشعب مسؤولية فشل المفاوضات، وما سماه التراجع المفاجئ عن الاتفاقات المبرمة مع الأحزاب المشمولة بمشاورات تشكيل الحكومة، و”إهدار الوقت في التفاوض غير الجدي على حساب مصلحة الشعب والدولة”. وكان المكتب التنفيذي لحركة النهضة قد عبر في بيان رسمي عن تفاجئه من تراجع التيار الديمقراطي وتحيا تونس وحركة الشعب عن مفاوضات تشكيل الحكومة رغم استجابة الجملي لما وصفته الحركة بشروط تعجيزية ومجحفة فرضها التيار وحركة الشعب. كما جددت النهضة باعتبارها الحزب الفائز المكلف بتشكيل الحكومة تعهدها بتقديم حكومة كفاءات وطنية مفتوحة أمام الجميع في الأيام القليلة المقبلة، بحسب نص البيان. من جانبه، اعتبر القيادي في التيار الديمقراطي محمد العربي الجلاصي، أن حزبه أصبح غير معني نهائيا بمفاوضات تشكيل الحكومة، وأعلن تموقعه بشكل رسمي في صف المعارضة، معبرا عن أمله في نجاح رئيس الحكومة المكلف في تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة. وحمل الجلاصي، رئيس الحكومة المكلف مسؤولية تدهور المفاوضات مع حزبه، وذلك من خلال ما وصفه بتذبذب مواقفه، ورفع منسوب الشك، وانعدام الثقة بينه وبين الأحزاب، لافتا إلى أن التيار لن يمنح الثقة لحكومة الجملي المقبلة في البرلمان.