تحيي اليوم الجزائر الذكرى السابعة و الخمسين ليوم الطالب، اليوم الذي قرر فيه الطلبة الجزائريون رفع التحدي في وجه الآلة الاستعمارية، فكان قرار الإضراب العام عن الدراسة يوم 19 ماي 1956. قرار أثار دهشة وإعجاب الأوساط الثقافية في العالم،وبرهن أيضا على تضامن الطالب الجزائري الصادق مع الشعب الجزائري الذي كان يقاسي الأهوال. أظهر أيضا هذا اليوم استعداد الطالب الجزائري دخول ميدان الكفاح المسلح،وبالفعل فإن الإضراب قد حقق الأهداف المرجوة منه التي أوضحها نداء الإضراب أصدره الإتحاد، وخلال الإضراب بدأت طلائع الطلبة تلتحق بالجبال، وقد استفادت الثورة استفادة كبرى من الكفاءات والتخصصات العلمية التي حملها الطلبة معهم بعد التحاقهم بها، غير أن هذا اليوم الذي مازال يستحوذ على وجدان كل من عايشوه إلا أن الطلبة الذين التقيناهم في جامعتي الجزائر 1 و 2. اسقطوا هذه الأهمية بعد أن اعترفوا في استطلاع قامت به "الاتحاد" بجهلهم لهذه الانتفاضة الطلابية التي أدهشت المستعمر الفرنسي و نالت إعجاب نخبه في نفس الوقت،فكانت الآراء صادمة إلا فئة قليلة منها. 80% من الطلبة يجهلون الانتفاضة الطلابية التقت "الاتحاد" عشية إحياء يوم الطالب بجامعة بوزريعة بالطلبة، الذين كانوا يقومون بمراجعة الدروس لاجتياز الامتحانات النهائية، و قامت بمساءلتهم عن اليوم الوطني للطالب و عن خلفية هذا اليوم،فأول وقفة لنا كانت مع سارة و زميلتيها الهام و عائشة، تدرسن في السنة الثانية تخصص علم المكتبات،فاعترفن انه لا فكرة لديهن عن الموضوع،فرغم إنهن يسمعن بعيد الطالب لكن لم يخطر ببالهن أن من ورائه خلفية آو ما يشبه ذلك. عيد الطالب كغيره من الأعياد،كعيد الشجر و الحجر،فليس من ورائه أسباب آو خلفيات،وضع فقط لتكريم الطالب... كانت إجابات ممزوجة بالتهكم و السخرية من قبل " ياسين" و "عمر" و" رشيد"،أصدقاء لم تربطهم فقط الدراسة بل كانت لهم نفس النظرة إلى اليوم الوطني للطالب،فهم يرونه يوما عاديا أو كسائر الأعياد،فهو لا يهمهم لان الطالب الجزائري يفتقد حسب رأيهم إلى ابسط الحقوق،فهم يجهلون تماما قيمة الانتفاضة التي أدهشت كل من عايش تلك المرحلة. ليس بعيدا عن عنهم التقينا ب"ليلى" و "هدى" طالبتان تخصص اللغات،عندما سألناهما عن عيد الطالب،فأجابتا بطريقة عشوائية انه ربما تعود خلفية هذا اليوم إلى مظاهرات أو احتجاجات قام بها الطلبة الجزائريون سابقا،"فخلال مشوارنا الدراسي لم نتلق أي معلومات عن هذا اليوم". أما "عبد الله " تخصص علم الاجتماع،يرى انه بما أن الطالب ذو منزلة و مكانة راقية في المجتمع، وضع له يوما في السنة تكريما له و لإعادة النظر في حقوقه أيضا،و عندما سألناه عن بدايات الاحتفال بهذا اليوم فرد على حسب اعتقاده أنها كانت منذ الاستقلال،فكثير من أمثال "عبد الله" أجابونا بطريقة عشوائية و لا تمد إطلاقا بحقيقة هذا اليوم و عظمته في الثورة التحريرية،لجهلهم بأصول هذه الانتفاضة التي لم تلد من العدم بل نتيجة جهود طلابية. "طالب عبد الرحمن" رمز الطلبة الشهداء لنتفاجا بطلبة اللغة الفرنسية بمعرفتهم للموضوع و إلمامهم بخلفياته،و في هذا الصدد يقول "مخلوف" في السنة الثالثة،أن يوم الطالب جاء تخليدا لأرواح الطلبة الأوائل الذين ترعرعوا في أحضان الحركة الوطنية و تشبعوا بأفكارها و امنوا بمبادئها،أمثال الشهيد طالب عبد الرحمن و بن زرجب و عمارة لونيس و ابن بعطوش...و غيرهم من الشهداء،و أضاف بان الإتحاد بدا نشاطه السياسي والنضالي في شهر مارس 1956،بعقد مؤتمره الثاني في مدينة باريس. وفي هذا المؤتمر اتخذ المؤتمرون جملة من القرارات كان أهمها ؛ الموقف الجلي من الثورة التحريرية ونضال الجزائريين. إذ طالبوا باستقلال الجزائر غير المشروط، وطلبوا من الحكومة الفرنسية أن تفتح باب المفاوضات مع جبهة التحرير الوطني، وردا على الإجراءات التي باشرنها وزارة الداخلية الفرنسية على قيادات الإتحاد وجموع الطلبة الجزائريين المتواجدين على التراب الفرنسي،و بعدها قرر الطلبة الجزائريون رفع التحدي في وجه الآلة الاستعمارية،فكان قرار الإضراب العام عن الدراسة يوم 19 ماي 1956"،و كان هذا الطالب نموذجا للطلبة الذين لم ينسلخوا بعد من تاريخهم المفعم بالبطولات. يوم لا يمكن أن يتجاهله التاريخ كما أضاف الطالب "هشام" أن مثل هذا اليوم لا يمكن أن يتجاهله التاريخ الجزائري، فالاعتراف به من واجب كل جزائري ينعم بالحرية و الاستقلال،ففيه خرج الطلبة الجزائريون تلبية لنداء جبهة التحرير الوطني من سنة 56،و التحقوا بجبهة التحرير الوطني. و وجهتنا الثانية كانت الجامعة المركزية،وجدنا فيها تحضيرات للموعد،فأمام مدخل المكتبة تقابلنا بطاقة كتب عليها الذكرى 57 ليوم الطالب و أعلام وطنية ترفرف هنا و هناك،و التقينا أيضا "نادية.م "احد المشاركات في جمعية الاتحاد الطلابي الحر، قالت عن هذا اليوم أنها لا تعتقد انه يوجد طالب في تلك الجامعة يجهل سبب إحياء هذه الذكرى أمام لائحة الطلبة الأوائل الذين استشهدوا أثناء الثورة التحريرية سنة 1956 المعلقة في مدخل المكتبة الجامعية،و استفسرنا ها عن نشاطات الجمعية بمناسبة اليوم الوطني للطالب هذا العام،فقالت انه كانوا بصدد تنظيم ملتقى حول مسيرة الطالب من الاستقلال إلى يومنا هذا،و لكن هناك عوائق منعتهم للقيام بذلك.