تعودنا على فكرة التحاق الذكور في صفوف الجيش الوطني تلبية لنداء قانون الخدمة الوطنية الإجباري و ذلك عند بلوغهم سنّ الثامنة عشر ليقضوا عامين كاملين في خدمة وطنهم ،و لكن الغير المألوف أو الفكرة الغريبة هو أنه فتيات بعمر الزّهور في المجتمع الجزائري أبدين استعدادهن للخدمة العسكرية في الجيش جنبا على جنب مع الشباب ،في حين أعربت أخريات عن عدم تقبلهن الفكرة يملكن رغبة كبيرة إذ أنهنّ غير مؤهلات نفسيا و جسديا لاتخاذ خطوة كهذه،فبين مؤيد و معارض لهذه الفكرة قامت يومية "الاتحاد" بجولة استطلاعية في بعض أحياء العاصمة . "لارمي" و "الجنس اللطيف" "لو كان إفرضوا على لبنات باش إجوزو لارمي أنا الأولى اللي تروح أجوز.."هكذا بدأت "فاطمة الزهراء" و هي طالبة جامعية في السّنة الثالثة تخصّص لغات بكل جرأة حديثها مع يومية "الاتحاد" مؤكدة أن رغبتها كبيرة في أداء الخدمة الوطنية،كانت تظهر في ملامح وجه "فاطمة الزهراء" إرادة قوية و في كلامها لمسنا إلحاح شديد في بلوغها درجة الرجل في جميع النواحي،و تضيف أن من بين أحلامها أداء الخدمة الوطنية التي ستضيف لها على حسب قولها القوة و الكفاءة لحماية نفسها من الأخطار التي قد تصادفها في حياتها اليومية و العملية،و عن عائلتها حول الفكرة تقول أن والدها منح لها كل الحرية ووضع فيها كل الثقة و قد رحّب بهذه الفكرة،كما صرحت لنا "غانية" صحفية بإحدى الجرائد الوطنية أنها تمنّت لو كان قانون التجنيد الإجباري أيضا على الفتيات فحتما سيكون رائعا و سيزيد المرأة جرأة و كفاءة لصدّ عنف الرجل الذي بات هاجسا يؤرق النساء المتزوجات منهن و العازبات ،كثيرات أمثال فاطمة الزهراء" و "غانية" اللاتي أبدين رغبة كبيرة في الاستعداد لأداء الخدمة الوطنية. و للجنس الخشن رأي آخر "عبد الرحيم "و "فؤاد" و "سيف الإسلام" طلاب في جامعة بوزريعة بالعاصمة ليست الصداقة وحدها هي التي تجمعهم بل فكرتهم اتجاه استعداد بعض الفتيات لأداء الخدمة الوطنية أو ما يعرف بمجتمعنا ب"لارمي" واحدة و هي الرفض القاطع للفكرة باعتبار الجنس اللّطيف لا يستطيع الخوض في مثل هذه المجالات المخصصة للرجال فقط مؤكدين أن مكانها هو البيت و دورها القيام بالأشغال المنزلية و تربية الأبناء أما الأعمال الشاقة و المتاعب هي من اختصاص الرجال فهم يملكون القوامة على النساء،و في هذا الصدد يقول "عبد الرحيم" "نحن الرجال نتلقى مصاعب و مشاكل أثناء أدائنا للخدمة الوطنية فكيف للمرأة ذات المشاعر الحسّاسة و الجسم الضعيف أن تقاوم تلك المتاعب" فيما يستطرد صديقه "فؤاد" الحديث"يا أختي تدخل الطفلة تقرا فالجامعة مقبولة مي باش تروح لارمي باش أجوز عامين تمّ متخرجش هذي العقلية على الجزائريين.."،و هذا و قد أجمع معظم المواطنين الذين التقت بهم يومية "الاتحاد" أثناء جولتها الاستطلاعية التي قامت بها في بعض الأحياء الشعبية من العاصمة أن الخدمة الوطنية لا تليق للجنس اللطيف فبانخراط المرأة في صفوف الجيش تضيّع كل ما يميّزها عن الرجل من أنوثة و رقّة "يا أختي لارمي ماشي تع النسا إكونوا واش إكونوا يبقى لارمي لرجال برك.."و يضيف أنّ اجتياحها لمختلف القطاعات مقبول و لكن أن يصبح التجنيد إجباريا لها شيء لا يتقبله لا المجتمع الجزائري و لا العقل،كما يشاطره الرأي "عبد العزيز" و يعارض بشدة فكرة التجنيد الإجباري للجزائري خاصة في المجتمع الجزائري الذي يعرف بالمحافظ "أنا و الله غير راني نشوفها عيب على عائلة تخلي بنتها تروح أجوز لارمي أحنا مراناش صهيونيين.."،هكذا كانت نظرة الجزائريين اتجاه المرأة التي ترغب في الانخراط في سلك الخدمة الوطنية. حالات شاذة.. فيما صادفت يومية "الاتحاد" حالات شاذّة من الرّجال الذين لم يجدوا حرجا في رغبة الفتاة الجزائرية في اقتحامها لمجال تأدية الخدمة الوطنية التي تقتصر فقط على الجنس الخشن و ذلك بعد التحاقها بسلك الأمن و الشرطة و الجمارك و غيرها من الأسلاك التي تلزمها وضع "الكاسكيطة" و حمل السلاح و الاتصاف بالجرأة و الصمود و التحدي،و من بين هؤلاء "عبد الغني" موظف في إحدى المؤسسات العمومية بالعاصمة و الذي يرى أنه مادام المرأة استطاعت أن تؤدي دورها في سلك الأمن و الشرطة كما يجب فلا يشك في قدراتها العقلية و الجسدية في تأديتها لمهمة التجنيد الإجباري،و في ذات السياق يقول "رابح" أستاذ في إحدى المدارس الابتدائية بالعاصمة أن المرأة الجزائرية تطمح دائما أن تكون في كفّة واحدة مع الرجل فنجدها اقتحمت جميع الميادين على غرار التعليم و التشغيل و لم يبقى أمامها سوى الخدمة الوطنية فإن فتحوا الطريق أمامها فستفلح في تأدية المهمة على حسب قوله. ماذا بقي لنا نحن الرجال؟ في الوقت الذي أصبح العنصر النسوي بارزا على مختلف القطاعات و على نتائج مستويات التوظيف بل حتى على مستوى الامتحانات المصيرية على غرار البكالوريا و غيرها من المستويات نجد الرجال يتصدرون قوائم الراسبين في مناصب الشّغل و التعليم ،هي المعادلة التي باتت تؤرق العديد من المواطنين الذين التقت معهم يومية "الاتحاد" في إحدى شوارع العاصمة خاصة بعد ما اقترحنا لهم فكرة رغبة النساء في فرض قانون الخدمة الوطنية الإجباري عليهن ،ما زادهم استياء و تذمر ،و كان من بين هؤلاء "سيد أحمد" إطار بالدولة و الذي أجابنا بسؤال مختصر "ماذا بقي لنا نحن الرّجال؟" معتبرا التحاق المرأة لتأدية قانون الخدمة الوطنية إهانة لها و لعائلتها و للمجتمع الجزائري ككل كونه مجتمع إسلامي محافظ،كما استغرب "عبد الحق" من القبة من مستوى التفكير المتدني الذي وصلت إليه الجزائريات "راهوم حابين إغيروا في خلقهم و يولوا رجال يعوذ بالله من النساء اللي يسترجلوا.."،و هكذا طغت نسبة المعارضين على المؤيدين لفكرة قانون التجنيد الإجباري للنساء من خلال جولتنا الميدانية. الصّهيون البلد الوحيد الذي يفرض تجنيد النساء فيما تبقى إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي تفرض الخدمة العسكرية الإلزامية على النساء مثل الرجال باعتبارهن جزءا أساسيا للقوة البشرية في الجيش الإسرائيلي،وتحكم خدمة النساء القاعدة القانونية النابعة أساسا من قانون الخدمة في "قوات الأمن لعام 1949" والتعديلات القانونية لنفس العام الذي فرضت الخدمة العسكرية الإجبارية على جميع "سكان إسرائيل " بما في ذلك النساء الأمر الذي حول الجيش الإسرائيلي في تلك الفترة إلى الجيش الوحيد في العالم الذي يجند النساء إجباريا.