القلم الصّامت.. الصّديق الأنيس.. خير جليس و غيرها من المسميات التي أطلقت على الكتاب الذي كان سبب ذلك الإقبال الجماهيري الكبير و التّوافد المنقطع النظير للزوار من جميع أنحاء الوطن بمختلف أعمارهم إلى الصّالون الدّولي للكتاب بالصنوبر البحري طيلة أيام أسبوع عرضه التي تزامنت بالاحتفالات المخلدة بأول نوفمبر إلى جانب العطلة النوفمبرية التي منحت للتلاميذ و الأساتذة. لم تعد زيارة مثل هذه المعارض تقتصر على المثقفين فقط بل توافد عليها جميع المواطنين من جميع المستويات، حيث باتت قبلة غالبية العائلات الجزائرية التي تريد الاستمتاع بوقتها خارج البيت من أجل التنزه و قضاء أوقات ممتعة مع أبنائها و أحبابها خاصة نهاية هذا الأسبوع التي سجّل خلالها حضور محتشم من الزوّار.قامت يومية "الاتحاد" بزيارة ميدانية في بحر هذا الأسبوع إلى قصر المعارض بالصّنوبر البحري الذي احتضن مختلف أنواع الكتب على غرار التاريخية و الأدبية و العلمية منها. و استطلعت آراء بعض من زوّاره ونقلت انطباعاتهم . توافد كبير على المعرض خروجا من الروتين كانت الساعة تشير إلى الواحدة زوالا عندما استوقفنا الترامواي الذي كان يعجّ بالركاب بمحطّة الصنوبر البحري كونه الوسيلة المفضلة من طرف العائلات نظرا لانتظام أوقات انطلاقاته و تفاديا للازدحام المروري و الاكتظاظ الذي تشهده مختلف وسائل النقل التي تعمل على الخطوط الرابطة بهذا المكان. أوّل ما لفت انتباهنا، تلك الحشود من الزوّار المقبلة على زيارة المعرض الدّولي في طبعته الثامنة عشر. دخلنا بينهم و مشينا معهم... بخطى متثاقلة كنّا نتنقل بسبب اكتظاظ المواطنين كبارا منهم و صغارا و حتى المسنين و الرضع و هم تتجول بهم أمهاتهم في عرباتهم ليكتشف المتجول عبر أرجائه حاجة هؤلاء الملحة لمثل هذه المعارض التي تخرجهم من الروتين و الملل الذي بات يطبع يومياتهم و كذا انعدام فضاءات الراحة بالعاصمة. نفايات تغزو مدخل المعرض ما يلفت انتباه الزائر لمعرض الكتاب هي تلك الأوساخ و النفايات المنتشرة أمام مدخل المعرض بما فيها بقايا مأكولاتهم و الأكياس الفارغة التي كان يرميها بعض المواطنين. استنكر هذه الفعلة آخرون و من بينهم "عبد الله" الذي كان مرافقا لزوجته أن مثل هذه السلوكيات طبعت في ذهنية بعض المواطنين و سكنت عقولهم "واش نقولك و الله غير على واحد كبير إيجوز يرمي صاشي و لا وسخ وين في بلاصة لازم تكون نقية بالزيادة.." و أضاف أن تلك السلوكيات ستخلف نظرة سلبية اتجاهنا عند زملائنا المشاركين في المعرض. فرصة التقاء العشاق... شباب و فتيات تربطهم علاقات عاطفية جعلوا من المساحات الخضراء المحاذية للمعرض مكانا للاستمتاع بوقتهم و فرصة للالتقاء و كذا الأكل مستغلين أحوال الطقس الجميلة لهذا الأسبوع. فبمجرد الانتهاء من جولتهم لما يوفره المعرض من مختلف الكتب يشدون رحالهم إلى أمكنة مناسبة ليستمتعوا بالمناظر الجميلة، حيث يكاد المتجول بينهم يعتقد أنه في منتزه أو حديقة من حدائق التسلية. ... و متنفّس للعائلات الجزائرية في الوقت الذي لقيت فيه محلات الأكل رواجا من بعض العائلات إلا أنه فضّلت عائلات أخرى جلب المأكولات و المشروبات معها بسبب الغلاء التي تعرفه تلك المحلات حيث يصل سعر "السوندويش" الواحد 250 إلى دينار حسب تصريح بعض العائلات ليومية "الاتحاد". اقتربنا من إحدى العائلات القادمة من ولاية بومرداس حيث كانت تجلس على العشب و تتجمع في زاوية محاذية للمعرض لتناول الفطور و سألناها عن سبب إحضارها للمأكولات معها من البيت ردّ الزوج "فريد" أن الأكل الذي يُباع هناك أسعاره غالية "كلّش غالي يا أختي و بزيادة الماكلة اللي جبنالها مالدار صحية.."، و تستطرد في الحديث زوجته التي قالت أنها معتادة على اصطحاب الأكل معها لوقاية أبنائها من التسمم أو الأمراض التي قد تسببها تلك المأكولات المعروضة في المحلات. بكاء الأطفال نغمة بارزة في المعرض فيما صنع الأطفال الصغار بما فيهم الرضع الذين اصطحبتهم أمهاتهم نغمة خاصة ببكائهم في المعرض الدولي للكتاب في ظل الازدحام الكبير و الاكتظاظ الذي يعرفه. وعن سبب حضور الرضع بقوّة في المعرض قالت بعض الأمهات في حديثها مع يومية "الاتحاد" أنهن مولعات بمطالعة الكتب و إصرارهن على زيارة المعرض كعادتهن لم يكن أمامهن خيار سوى اصطحاب أبنائهن، و في هذا الصدد تقول "هند" أنها في عطلة أمومة و منذ ولادة ابنها لم تخرج إلى أي مكان لسلامته إلا أنها لم تريد أن تفّوت فرصة زيارة أجنحة المعرض التي دأبت على الإطلاع على كتبها ككل طبعة فاصطحبت ابنها الذي يبلغ الثلاثة أشهر لتحقق رغبتها الشديدة في زيارة خير جليس. و للمعرض فوائد جمّة و تبقى زيارة المعرض لدى بعض العائلات من أجل اقتناء بعض الكتب و القصص لأبنائها و تعويدهم على حب المطالعة، حيث استطاعت مختلف الأجنحة أن تستقطب الزوار الذين تهافتوا للإطلاع على ما قامت به دور النشر الجزائرية و العربية.