زوج يفقأ عين زوجته..أخ يكسر يد أخته..ولد يصفع أمه..و بنت تتعرض للتحرش الجنسي بعد أول خطوة لها خارج البيت..و يبقى كل مخلوق يحمل اسم أنثى عرضة لجميع أشكال العنف اللفظي و الجسدي،لا لذنب اقترفته و لا لجرم ارتكبته بل لأنها مخلوق ضعيف عواطفها جياشة و أحاسيسها رقيقة،ففي الوقت الذي تعتبر فيه المرأة العنصر الفعّال و الأساسي في المجتمع تعدّ فيه الضحية الأولى للعنف من طرف المحيطين بها. إن رواسب المنهج العدواني ما زالت عالقة في أذهان و سلوكيات بعض الأزواج اتجاه زوجاتهم في التعاطي و الحياة ،و إنها لمشكلة ليست بجديدة لا تلبث أنة تستقر في حياتنا اليومية ،فرغم التطورات الراهنة في كل الميادين إلا أنه ما زلنا نشهد سيادة منهج العنف في تعاطي بين الأزواج و بالذات اتجاه الكائن الوديع و هو المرأة،فارتأت يومية "الاتحاد" أن تتوقف عند ظاهرة العنف ضد المرأة من قبل الأزواج و عن أسبابه و نتائجه لإشاعة الوعي الإنساني اتجاه مخاطر هذه الظاهرة و إفرازاتها الخطيرة. عندما يتحول الأزواج إلى وحوش تتحول حياتهن إلى جحيم و تنقلب أحلامهن الوردية إلى كوابيس بعد أشهر قليلة و أيام معدودة من دخولهن قفص الزواج،فينقلب ذلك الزوج الذي كان يظهر ملاكا في الأيام الأولى من الزواج إلى وحش يشبعها ضربا و اعتداءا لأتفه الأسباب،فقصة السّيدة "شريفة" من بئر خادم بالعاصمة من بين النّساء اللواتي تذوقن الألم و المعاناة جرّاء عنف أزواجهن لهن،فتقول "شريفة" أن زوجها تغيّر جذريا بعد عام من زواجهما فأصبح الضرب المبرح الوسيلة الحاضرة في كل حواراتهما"كلمة زوج يرفد عليا يدو و يرجعني دايما أنا الغالطة..وليت نكرهوا منحملوش.."،عبارات و أخرى كانت تنطق بها "شريفة" بصعوبة و عيناها مغرورقتين بالدموع،تتوقف قليلا و تستطرد حديثها مع يومية "الاتحاد" و تكشف أن زوجها تحوّل إلى وحش يفتقد لمشاعر و أحاسيس إنسانية فلم يكتف بضربها بل حرمها من أدنى ضروريات الحياة كالملبس و المأكل"وليت نطلب من الجيران واش ناكل.."رغم أن زوجها ميسورة حالته المادية على حسب قولها،عقد قرانها دام لمدة عامين و لكن جحيم معاناتها لا يقدّر بالأرقام فما كان أمام "شريفة" حلا سوى المطالبة بأبغض الحلال عند الله الطلاق. يعشن الجحيم و لم يجدن البديل كثيرات من أمثال "شريفة" اللاتي وقعن ضحية المعاناة كان أبطالها نصفهم الثاني الذين اخترنهم ليكونوا شركاء لحياتهم في السّراء و الضراء،إلا أنهم أخفقوا الاختيار، فبدل من أن يكونوا سندا لهن أقلبوا ظهورهم بعد أن أصبحوا ملجأهم الوحيد ،و من بينهن "نبيلة.ك" التي تجرعت ألم المعاناة من قبل زوجها الذي بات يمارس عليها جميع أشكال العنف خاصة و أنه يدرك جيدا أن لا ملجأ و لا منجأ تذهب إليه بعد وفاة والدتها و ذهاب أخوها إلى المهجر،ما حتّم عليها البقاء تحت رحمته و تحمّل جسدها العنف و الضرب في كلّ مرّة ،و تشاطرها الرأي "مليكة.ز" التي ترى أن بيت الأهل لا ينفع و لا يدوم ما يدفعها لمسامحة زوجها في كل مرة،و تضيف أنها قد تستطيع تحمّل إيذاء زوجات أخواتها و لنها لا تتحمل فراق فلذات كبدها. الاعتقاد الخاطئ.. كما تعتقد بعض النساء أن الزوج هو صاحب السلطة و الجلالة فكل ما يأمر يجب أن يحضر في الحين،و كل ما يقوله هو الأصح ،و حتى و إن هضم حقوقها أو ضربها أو تعدى عليها ترد عليه بالسكوت و كأنه شيء لم يكن،فتصبح عادة عند الزوج فلا يكاد يمر يوم على تلك الزوجة إلا و يتعرض جسمها الضعيف إلى اعتداء و ضرب،و في هذا الصدد تقول "كنزة" من القبة أن إحدى جاراتها تتعرض يوميا إلى العنف من قبل زوجها و عندما ينصحها أهلها أو صديقاتها بعدم السكوت و الرضوخ له تردّ أنه زوجها يجب طاعته و يجب التمثّل لأوامره. تدني مستوى التعليم من أهم الأسباب أرجع مختصون اجتماعيون عوامل الخطر التي تؤدي إلى الفرد إلى اقتراف العنف ضد المرأة تدني مستوى التعليم و التعرض للإيذاء في مرحلة الطفولة أو حالات من العنف المنزلي الممارس ضد المرأة ،و تعاطي الكحول على نحو ضار،و السلوكيات التي تميل إلى تقبل العنف ،و عدم المساواة بين الجنسين ،و معظم هذه العوامل تمثل أيضا عوامل خطر تسهم في إيقاع المرأة ضحية للعنف الذي يمارسه ضدها شريكها المعاشر أو العنف الجنسي الممارس ضدها. مشاكل صحية نسائية سببها عنف الأزواج فيما أكدت دراسة علمية أن العنف الممارس من قبل الشريك المعاشر والعنف الجنسي يؤدي إلى حدوث حالات الحمل غير المرغوب فيه والمشاكل الصحية النسائية وحالات الإجهاض المتعمّدة وأنواع العدوى المنقولة جنسياً، بما في ذلك عدوى فيروس الأيدز. كما يؤدي العنف الممارس من قبل الشريك المعاشر أثناء فترة الحمل إلى زيادة احتمال وقوع الإجهاض التلقائي و الإملاص والوضع قبل تمام فترة الحمل وانخفاض وزن الطفل عند الميلاد ويمكن أن يؤدي هذان الشكلان من العنف إلى الاكتئاب، واضطرابات الإجهاد التي تلي الرضوخ، ومشاكل النوم، واضطرابات الأكل، والضيق الانفعالي، ومحاولات الانتحار.