فتيات اضطرتهنّ الظروف للدراسة بعيدا عن منازلهن ،فوجدن من الأحياء الجامعية بديلا لهنّ على قطع مسافات طويلة تفصلهن بين الجامعة و البيت،إلا أنه و بعد مدة قصيرة لمكوثهن فيها يشعرن بقليل من الحرية بعيدا عن ضغوط أوليائهن ،ليعلن موعدا لليالي الحمراء و اللحظات الممزوجة بكثير من التحرر حيث لا سلطة أبوية و لا أخوية بلا مضايقات الجيران الذين يترصدون عادة كل خطواتهم. تحولت الأحياء الجامعية خلال السنوات الأخيرة إلى وكر للفساد و مكانا للانحراف الأخلاقي بكل معنى الكلمة،بسبب طوابير السيارات المصطفة أمام أبوابها و أشكال التبرج المختلفة،ناهيك عن التدخين و تعاطي المخدرات بين الطالبات،و تعمل أخريات على التخلي على حجابها و ارتداء ألبسة قصيرة و شبه عارية أثناء تواجدها بالحي الجامعي في حين تعود إلى ارتداء لباسها المستور عند عودتها إلى بيتهم العائلي،هي سلوكيات شاعت في الأحياء الجامعية ،ما دفع ببعض الأولياء إلى خيار مكوث بناتهم في البيت على الالتحاق بالجامعة،سلوكيات خطيرة و دخيلة على مجتمعنا المحافظ توقفت عندها "الاتحاد" . الانحراف في أول خطوة بات الزائر للأحياء الجامعية سواء في شرق أو غرب أو شمال أو جنوبالجزائر يشاهد فيها سلوكيات متكررة و يسمع عنها قصص و سيناريوهات منافية للأخلاق ذاع صيتها في مجتمعنا،و لمعرفة أكثر عن الأسباب التي تدفع ببعض الطالبات لسلوك هذا الطريق اقتربنا من بعضهن أثناء تواجد "الاتحاد" أمام إحدى الأحياء الجامعية للبنات بالعاصمة،فمنهن من رفضت البوح لتفضل الأخريات سرد هاته القصص المشاعة عن بنات الجامعة، ،من بينهن "رشيدة" التي كانت أمام باب الإقامة تنتظر الحافلة للتنقل إلى الجامعة مرتدية حجابا ملتزما ذا اللون البني مطأطئة الرأس يبدو على وجهها الحياء و الحشمة ،رفضت التحدث معنا في بادئ الأمر و لكن بعد إلحاح شديد منا قالت و بصوت خافت أنها كانت تستغرب من تصرفات بعض الطالبات اللاتي يقطن في ذات الحي في سنتها الأولى من إقامتها الجامعية "صعيب بزاف باش تقبلت الفكرة..كنت نرقد فالليل ساعة و نفطن ساعات..الغنا و السهرات حتى الصباح.." ،و لكنها الآن أصبحت معتادة على مشاهدة تلك التصرفات المنافية للدين و الأعراف"نشوفهوم يتكيفوا يخرجوا فالليل مع رجال ميعرفوهومش أو كي نحب ننصحهوم يقولولي متعرفيش تعيشي مازالكي بالعقلية تع لبلاد.. "،و تضيف أن بعض البنات القاطنات معها في نفس الرواق خلعن حجابهن في أول خطوة وضعنها في باب الإقامة الجامعية،رغم أنهن حسب قولها "وجوههم منورين بالحجاب" و استبدلنه بألبسة شبه عارية مستغلات فرصة تحررهن من قيود أوليائهن. الأسباب متعددة و المصير واحد تعددت أسباب ولوج الطالبات لعالم الانحراف بين الحرمان العاطفي و الأسري و الاجتماعي لكن مصيرهن كان واحدا بدايته الضياع و آخره الندم يوم لا ينفع فيه لا ندم و لا بكاء و لا ندب..،هي حالة "صفاء" اسم على غير مسمى مقيمة بإحدى الإقامات الجامعية بالعاصمة فبمجرد دخولها أبواب الإقامة طلّق وجهها كل ملامح البراءة التي عهدتها منذ طفولتها، بدموع لم تفارق عينيها سردت لنا قصتها مع الانحراف،حيث قالت أنها فقدت والدها بعد نجاحها في شهادة البكالوريا الذي كان يساندها ماديا و معنويا و فقدت معه الدلع الذي ألفته منه،فانتابها فراغ عاطفي رهيب و حاجة مالية كبيرة تغطي لها حاجياتها التي يعتبرها أخوها و والدتها مجرد تحسينيات لا معنى لها،فما كان عليها سوى أن تختار طريقة الربح على حساب سمعتها و أخلاقها،فأول فرصة أتتها من كهل في الأربعينيات يملك أموالا طائلة ،أغرقها بالأموال و مختلف الألبسة و أثمن العطور،إلى أن جاء ذلك اليوم الذي طلبته فيه بترسيم علاقتهما، و ردّ عليها أنه المتعارف عندهم أن الزوجة تكون من اختيار الأم و ليس من الزوج ،فهو يعيش معها أيام جميلة لتبقى كذكرى جميلة لا أكثر،و تقول أنها في تلك اللحظة أحست كأن شخص ما قوي البنية صفعها صفعة جعلتها تستفيق من سباتها و غفلتها. الأولياء سبب الانحراف و ليس بعيد من "صفاء" و في نفس الإقامة كانت "هدى" التي سردت هي الأخرى معاناتها و سبب انحرافها و تخليها عن مبادئها التي لطالما كانت تقدسها،حيث تقول أن والديها رغم حالتهما الميسورة لا يكلف الواحد منهما زيارتها حتى تشعر بوجودهما،و كان لزاما عليها على حسب قولها على شخص يحسسها بوجودها و يعوضها بالحب و الحنان الذي فقدتهما،لقد وجدت شخصا استطاع بكلامه المعسول أن يصيدها بسهوله و يوقعها بشبكة غرامه،لم يكتفي بهذا فحسب بل وصل به الخبث إلى أن التقط صورا لها تجمعه معه،و بعدها بدأ في الاستفزاز و التهديد بأن يبعث تلك الصور لعائلتها أو تقبل مساومتها على عرضها،فانقلبت حياتها رأسا على عقب ،و كانت نهايتها الندامة بعد أن طمعت في كل شيء خسرت كل شيء. عندما تغيب الحرمة و لأن بعض الأحياء تقع في جهة مقابلة لأحياء سكنية ،هذه الأخيرة التي باتت تصرفات بعض الطالبات تثير سخطها، الذين صرحوا أنهم أصبحوا لا يجرؤون على فتح النوافذ أو الجلوس على الشرفات مع الأهل لهول ما يحدث في الإقامات الجامعية المجاورة لهم،و في هذا الصدد يقول "عمي عبد الرزاق" صاحب محل بيع الأغذية محاذي لإحدى الإقامات الجامعية "الحرمة يا بنتي راحت ..مخلاو والو البنات تع اليوم لقرايا خرجتهوم من عقولهوم.."،و لقد استنكر بشدة السلوكيات المنحرفة التي تتحلى بها بعض الفتيات بمجرد ولوجها الإقامة الجامعية لمتابعة دراستها بعيدا عن عائلتها،فقد أصبح السكان يرمون بالحجارة و قارورات ماء على كل فتاة يصدر عنها سلوك غير مرغوب فيه من طرف المجتمع.