تقترب الانتخابات الرئاسية، والظروف تدل على غير ذلك، فالرئيس بوتفليقة يلتزم الصمت.. وتصريحات متناقضة من قبل مسؤولين كبار في الدولة، بين محسوب على السلطة و معارض لها، وأحداث غرداية، وتصريحات سعداني على جهاز المخابرات صنعت الحدث. زادت الوضع غموضا كيف لا وكانت بوابتها المستشفى العسكري "فال دوغراس" والذي تردد وكتب على صفحات الصحف بسبب مرض بوتفليقة ومكوثه هناك، لكنه غاب عن أفواه الرسميين الذين تحفظوا على حالته الصحية، وازدادت الضبابية وطالبت الساحة السياسية بتفعيل المادة 88، من الدستور وغيرها من المطالب كانت مجرد "ظاهرة صوتية". بوتفليقة خارج الديار.. ازداد الغموض مع طول مدة مكوث بوتفليقة خارج الديار..في الوقت الذي كان فيه الوزير الأول عبد المالك سلال، يجول في الولايات، ويتفقد المشاريع. كانت أول محطة اليزي للاحتفال بذكرى تأميم المحروقات في 23 فيفري، لكن ستكون هناك جولات أخرى وتصريحات حولت سلال إلى "نجم بدون منازع ".الذي حاول ملأ الفراغ بسبب غياب الرئيس. يعود بوتفليقة من "فال دوغراس" والأعين كلها تترقب.. فالهجرة الجماعية لنشرة الثامنة كان فيها استثناء.. يوم ضبطت الساعة وتلفظت مقدمة الأخبار "الرئيس بأرض الوطن"..تنفست الطبقة السياسية وتصدر الخبر وسائل الإعلام فاختلفت التحليلات، لكن عودة الرئيس لم تنه الضبابية بل زادت من حدتها، بعد ظهوره "بكرسي متحرك ". فالشارع ظن أنه لن يقود البلاد لكن ظهر العكس. وبدأت الأصوات تنادي بترشحه، كانت خافته خاصة بعد الصور التي كان يظهر بها بوتفليقة، ميزها وضع إقليمي ملتهب وحدود نارية، فكان القايد صالح الأكثر شربا للقهوة مع الرئيس، والتحدث على الوضع الأمني. اتخذ بعدها القاضي الأول في البلاد، قرارا هاما "التغيير حكومي" فأقال وزراء وجدد الثقة بآخرين. لكن سلال كان ساعده الأيمن، الذي زاد من وتيرة زيارته وسهر أن تحمل "رسائل تهلل لانجازات الرجل". رغم انتقاد هفوات وتصريحات سلال الشعبوية، إلا انه واصل خرجاته الداخلية والخارجية، في وقت كانت فيه الأحزاب المعارضة تنتقد الوضع السياسي وتصفه "باللعبة المغلقة "، لكن الرئيس يواصل صمته ويربك الطبقة السياسية. الافلان يحضر لإنهاء الحرب الداخلية، وانتخاب أمين عام جديد فكان عمار سعداني الرجل الأول للحزب، لكنه سيذهب بعيدا ويخلق له أعداء بتصريحاته وأدخل الحزب في متاهات أخرى. ورافع بتعديل الدستور قبل الرئاسيات، ودخلت المعارضة في دوامة جعلت جل ندواتها المفتوحة، ومن الممكن حتى المغلقة منها للمطالبة بتأجيل تعديل الدستور. الصمت أبلغ من الرد اختار المغرب أن يعكر صفو الجزائر، وينزل العلم الوطني في ذكرى اندلاع الثورة ويتهجم على القنصلية بعد خطاب الرئيس الذي ألقاه، وزير العدل الطيب لوح، وطالب بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وزير الخارجية رمطان لعمامرة لم يرد رغم ضغط الصحافة، ليكتفي بعبارة "الصمت أبلغ من الرد" ولكن ستحاول المغرب استفزاز الجزائر مرة أخرى بسبب اللاجئين السوريين ؟ ولم تكن المغرب لوحدها بل حتى فرنسا على لسان رئيسها هولند صاحب النكتة التي شككت في أمن الجزائر ". لكن أحداث كثيرة أخرى ظهرت في ظرف وجيز، و فتحت المحاكم الايطالية، ملف شكيب خليل الذي نهب أموال البترول وهرب، لكن الغريب في الأمر أن سعداني سيبرئه لاحقا ؟ بعدها أطل القاضي الأول للبلاد، بعد أشهر من عودته من المستشفى العسكري لعقد مجلس الوزراء بدى فيه الرئيس متعبا وظهر وزراء الحكومة وكأنهم يسترقون السمع منه، وكان اغلبهم يضع سماعات لسماع صوته. اطل الفتى الذهبي "الخليفة"،من بعيد بعد سنوات من الهروب فصنع الحدث كيف لا وهو يقبع بزنزانة في سجن الحراش. لتعود بعدها نقطة الغموض إلى الصفر، وطرحت أسباب عودته في هذا الوقت..والأسماء الثقيلة المتورطة. مغناطيس العهدة الرابعة وغداة صمت رهيب لبوتفليقة، باغت سعداني المخابرات وتحرش بها، ورافع للعهدة الرابعة، كان فيها غريمه السياسي الأرندي يمشي بخطى ثابتة وهدوء لتجاوز أزمته فكان بن صالح أمينه العام الذي سيدعم بوتفليقة في عهدة جديدة.عمار غول وعمارة بن يونس وغيرهم يدخلون الصف، ويلحون على بوتفليقة للترشح والموالون يزدادون.. لكن المعني لا يتكلم. ونبرة تعديل الدستور قبل الرئاسيات فصل فيها. وغرداية تشتعل بسبب التعفن، الذي سيخلف ضحايا رغم تدخل حكومة سلال. بوتفليقة يشق على فال دوغراس ثانية بوتفليقة مرة أخرى في فال دوغراس، ويضاعف "السوسبانس" لكنه يعود بعد يومين ويستدعى الهيئة الناخبة، ويطلق سباق الرئاسيات. التي شكلت لاحدث للجزائريين، في ظل الجبهة الاجتماعية المشتعلة، لكنها للبعض شكلت فرصة للحلم بقصر المرادية، فحدث "إسهال" في عدد المرشحين، باختلاف مشاربهم ومهنهم والرئيس صامت ويترقب. ماذا بعد تصريحات سعداني ؟ رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس يعود بعد 10 سنوات من الغياب ويترشح للانتخابات دون التطرق لسبب غيابه. فأحزاب تتجمع للترويج للعهدة الرابعة، وأخرى تقاطع وتسحب نفسها بسبب غلق اللعبة. لكن سعداني أصر أن تبقى الضبابية تخيم على المشهد، فزج بالجنرال توفيق في اللعبة السياسية وقصفه بلهيب ناري حرك الطبقة السياسية والشارع استنكرته حتى شخصيات من داخل البيت العتيد، فحصد أشواك تصريحاته وخلق أعداء له مجانا، وأخلط بها أوراق المحيطين بالرئيس الذين انتقدوه بالرغم من أنهم يتقاسمون معه الدعوة للعهدة الرابعة..هذا ما يبدو ظاهرا..لكن ما يحاك يبقى مجهولا، ويبقى الرئيس صامتا، ومتى يضع الرئيس حدا له ؟ وهل هناك احتمالية تأجيل الانتخابات كما قال موسى تواتي رئيس "الأفانا" و مرشح الإستحقاق الرئاسي.