صلاح الجودر إن عادات وتقاليد وأعراف المجتمعات هي الموروث المتناقل من الأعلى، الأب والجد ومن علا، إلى الأبناء والأحفاد من نزل، ولعل العادات والتقاليد والأعراف المتوارثة ترى وبشكل كبير في المناسبات والأفراح والأتراح وغيرها من الاحتفالات والاجتماعات الخاصة والعامة، وهي تختلف وتتمايز من مجتمع إلى آخر وفق تقاليد وعادات وحضارة البلد. وتعتبر عادات وتقاليد الشعوب العربية الأكثر تشابهًا وتماسكًا وتجانسًا لما يجمعها من مشتركات في اللغة والتاريخ والمصير المشترك، فالعرب في مختلف أقطارهم لا زالوا يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم، ولربما يمكن تقسمهم إلى أربعة أقسام، شبه الجزيرة العربية والخليج العربي (السعودية والبحرين وقطر والكويت والإمارات وعمان واليمن)، والشام (العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين) ومصر والسودان، والمغرب العربي (ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا)، ورغم هذا التقسيم الجغرافي إلا أنها جميعها مرتبطة فيما بينها وفق طرق وأساليب ممارسة تلك العادات والتقاليد والأعراف التي تتسم بالنكهة العربية الأصيلة!. وقبل الحديث عن تقاليد وعادات أهل البحرين لا بد من التأكيد أن العرب عمومًا يتصفون بسمات بارزة ومنها اكرام الضيف، واحترام الجار، واغاثة الملهوف، ونصرة المظلوم، وغيرها كثير، فهذه العادات والتقاليد موروث أصيل من الأجداد، وحافظ عليها الأبناء جيلاً بعد جيل حتى أصبحت جزءًا من حياتهم اليومية، وأصبحت تلك العادات والتقاليد والأعراف هوية المجتمعات العربية، والقانون الملزم لكل العرب من الخليج إلى المحيط. ولتقريب الصورة أكثر خاصة في المجتمع البحريني الذي يتحلى بالعادات والتقاليد العربية نرى من الأهمية أخذ مناسبتين اجتماعيتين للتأكيد على العادات والتقاليد العربية، الأولى وهي الأعياد، فمن عادات أهل البحرين في الأعياد فتح المجالس وتقديم (قدوع العيد) الضيافة لجميع المهنئين دون استثناء، فتلك المجالس مفتوحة لكل فئات المجتمع، المواطنين والوافدين والمقيمين، يوم العيد واليومين التاليين، صباحًا ومساءً، مع وجود الفنون الشعبية مثل رقصة (العرضة) وهي رقصة الحرب والانتصار، وكم هو جميل حين تفتح المجالس الأهلية، الخاصة والعامة، لاستقبال المهنئين بالعيد وللتأكيد على التواصل الاجتماعي، وكما قيل قديمًا: لا تعمل عادة ولا تقطع عادة، في تأكيد على أن هذه الزيارات هي جزء من الموروث الاجتماعي الذي يجب المحافظة عليه، لذا نرى تمسك أهل البحرين بهذه العادات والتقاليد لأنها تعكس الهوية البحرينية العربية. والأجمل حين نسمع كبار السن وهم يتحدثون في مجالسهم عن العادات والتقاليد العربية وتعزيز مكانتها لدى الشباب والناشئة، فترى تلك العادات في ملابس الشباب والناشئة وطريقة جلوسهم وحديثهم في المجالس، فيتربى على تلك الثقافة العربية الأصيلة حين يرى الشيوخ وكبار السن وهم يجتمعون ويتحاورون، فالشعوب والمجتمعات تعرف بعاداتها وتقاليدها. والصورة الثانية التي ترى فيها العادات والتقاليد البحرينية الأصيلة هي مناسبات الخطوبة والزواج، والتي تبدأ باجتماع العائلتين للحديث عن مسائل الخطبة، فمن العادات البحرينية الأصيلة أن تجتمع النساء أولاً للتعارف والتقارب ورؤية العروس والحصول على الموافقة المبدئية من والدتها، ثم التوافق على كل شيء من مهر وشبكة وحفل الزواج وغيرها قبل الاجتماع الكبير الذي يضم الرجال، فكلمة الرجال بعد الاجتماع النسوي هي القول الفصل حين يعلن ولي أمر الفتاة موافقته أمام حشد من الحضور وتحديد يوم الخطوبة (عقد الزواج)، وكلما كان الحضور كبيرًا من الطرفين كان ذلك تأكيدا على أهمية الزواج، فالشاب يأتي بأبيه وأخوته وأعمامه وأخواله وبعض من الأصدقاء والمقربين، وكذلك من طرف الفتاة من يوازيهم في العدد والمكانة، لذا تصبح هذه الزيجة والمصاهرة سببًا للترابط الأسري والاجتماعي. وهناك صور أخرى تتأكد فيها العادات والتقاليد العربية الأصيلة التي لم تتبدل ولم تتغير، فرغم التطور إلا أن تلك العادات والتقاليد بقيت صامدة، من هنا فإن المسؤولية توجب نشر أهمية هذه العادات والتقاليد والتأكيد على أنها صمام أمان للمحافظة على هوية هذا المجتمع.