بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين - فخامة الرئيس طيب رجب أردوغان، رئيس الجمهورية التركية، - السيّدات والسادة، يشرفني في البداية سيدي الرئيس، أن أسدي إلى مقامكم الرفيع التحيات الأخوية لفخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي شرفني بتمثيله في هذه القمة الهامة، كما يطيب لي أن أتوجه باسمه بالتحية الحارة لتركيا، شعبا و حكومة، بأسمى عبارات الشكر و التقدير، على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة الذين حظينا بهما ، منذ حلولنا بهذه الأرض الطيبة. ينعقد اجتماعنا هذا في ظروف خطيرة تشهدها القضية الفلسطينية، التي تعتبر القضية المركزية الأولى لمنظمة التعاون الإسلامي، والأحداث الدموية التي شهدها قطاع غزة باستشهاد أكثر من 60 فلسطينيا وجرح الآلاف منهم برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، الذي يواصل ممارساته العدوانية ضد المدنيين العزل، ضاربا عرض الحائط كافة القوانين والأعراف الدولية ومواثيق حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. وأمام جريمة الحرب هذه التي جاءت السيد الرئيس، إن ارتكاب قوات الاحتلال لمثل هذه الجرائم النكراء بحق المدنيين الفلسطينيين ما هو إلا نتيجة لعدم احترام القانون الدولي وقرارات المجموعة الدولية...على غرار قرار الإدارة الأمريكية نقل سفارتها إلى القدس الشريف، الذي يعد خرقًا سافرًا للوائح الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصلة، لاسيما القرار 181 لسنة 1947، المتعلق بتقسيم فلسطين والذي أضفى على مدينة القدس طابعا خاصا، لا يعترف لإسرائيل بأي شكل من أشكال السيادة عليها. وقد تمت إدانة هذا القرار غير المشروع بشدة من قبل كل المجموعة الدولية واعتبرته اعتداء يستهدف الحقوق التاريخية والقانونية والطبيعية والوطنية للشعب الفلسطيني، وحذرت من أنه سيقوض مكانة الأممالمتحدة وسيادة القانون الدولي، ويمثل بالتالي تهديدا للسلم والأمن الدوليين. ... وما الوضع المأساوي والدموي الذي تسببت فيه قوات الاحتلال إلا إحدى التداعيات الوخيمة لهذا القرار الجائر، الذي تم تجسيده في الرابع عشر من هذا الشهر، على عملية السلام في الشرق الأوسط، من جهة، و على الاستقرار الإقليمي والدولي، من جهة أخرى. السيد الرئيس، إن عملية السلام برمتها، تجد نفسها اليوم في مواجهة انتكاسة حقيقية ونسف لمسارها، الذي كان أصلا في انسداد كامل منذ سنوات، وذلك نتيجة لمواقف غير عقلانية وباطلة سياسيا وقانونيا ودبلوماسيا تتعارض كليا مع الدور المنوط بها في سبيل المساهمة في الجهود الدولية لإحلال السلام في المنطقة. السيد الرئيس، إن الوضع الخاص لمدينة القدس الشريف يكتسي أهمية مركزية بالنسبة للأمة الإسلامية وللمجتمع الدولي قاطبة، بغض النظر عن الديانات التي يدين بها. وعليه وجب صون الطابع الروحي والديني والثقافي الفريد لهذه المدينة المقدسة بتسوية الوضع النهائي لها عن طريق المفاوضات وفقا لقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة. السيّد الرئيس، ينبغي على منظمة التعاون الإسلامي اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، مضاعفة جهودها للدفاع عن القضية الفلسطينية، ولن يتأتى لها ذلك إلا بتفادي الانقسامات داخل البيت الإسلامي ورأب الصدع فيه وإصلاح الخلافات. وهو ما سيسمح حتما لجميع الدول الأعضاء من توحيد وتفعيل كل السبل السياسية والدبلوماسية والقانونية المتاحة على المستويات الوطنية والجهوية والدولية لمواجهة ووقف نظام الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي وسياسة تهويد المعالم الدينية الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف. - كما ينبغي على منظمة التعاون الإسلامي وبالتعاون مع المجتمع الدولي تفعيل المساعي الرامية للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته، وذلك من خلال خلق واقع سياسي وقانوني إيجابي يساعد على إحلال السلام وصياغة مقاربة مشتركة وذات مصداقية لإنهاء النزاع ووقف الاحتلال وفقا لأحكام القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة. السيد الرئيس، من هذا المنبر تجدد الجزائر التعبير عن موقفها المبدئي المتمثل في دعم قضية الشعب الفلسطيني العادلة، ووقوفها جنبا إلى جنب مع الأشقاء الفلسطينيين في هذه الظروف العسيرة وتؤكد مرة أخرى دعمها لنضالهم من أجل دحر كل الإجراءات المجحفة في حقهم في مواجهة آلة القمع الإسرائيلية وممارسات الاحتلال التعسفية في القدس الشريف والضفة الغربية و قطاع غزة. - كما أن بلادي تدعو إلى تفعيل ومواصلة كل الجهود الدولية التي تصب في دعم نضال الشعب الفلسطيني. وفي الختام أتمنى أن تكلل قمتنا هذه بنتائج إيجابية وجريئة وأن تجد مخرجاتها طريقها للتنفيذ على صعيد توفير الحماية للشعب الفلسطيني ودعم حقوقه المسلوبة لإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. أشكركم على حسن الإصغاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.