يستعد قياديون سابقون في تنظيمات إرهابية، ينزلون عبر عدد من السجون، للتوقيع على تعهدات بعدم الرجوع إلى النشاط المسلح، كتمهيد لإفراج يتبع بإجراءات قضائية تمتعهم ب''عفو خاص''. ولفتت مصادر تتابع العملية أن الجزائر تتجه نحو تجسيد تجربة أشبه بالليبية التي أدت إلى الإفراج عن مئات من نشطاء الجماعة الليبية المقاتلة. قالت مصادر عليمة ل''الخبر''، إن موقوفين من نشطاء ''القاعدة'' وقعوا ''تعهدات بعدم العودة للنشاط المسلح'' على اعتبار وجود ''مشروع سياسي'' قد يتيح لهم ''عفوا خاصا'' ربما يعلن عنه في حال نجاح المشروع الذي بدأ بوثيقة ''مراجعات'' وقعها أولا متورطون في مختلف القضايا التي تخص الدعم والانتماء لتنظيم ''القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي''. وتشبه المصادر المشروع بنسخة معدلة من المشروع الليبي الذي قاده سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي، وأدى إلى الإفراج عن مئات من عناصر الليبية المقاتلة، ولكن طبيعة العنصر المقاتل الجزائري، تقول المصادر، فرضت منهجا مغايرا في التعاطي مع الموقوفين الراغبين في ''الإقرار طوعا بعدم شرعية العمل الجهادي في الجزائر''. وقالت المصادر إن قياديين في التنظيم أوقفوا في السنوات ما بعد 2007 ''دعموا المشروع ومستعدون لتوقيع تعهدات ترافقها وثيقة مراجعة''. ويعتقد مقربون من العملية أن توقيع ''أبو بصير''، أحد قادة التنظيم في العاصمة المعتقل منذ سنتين، يعطي المشروع زخما أكبر، فيما يسانده ''أمين أبوتميم'' أمير كتيبة الأنصار الذي سلم نفسه في وقت سابق. ويعتقد أن للمشروع علاقة بمسعى انطلق عبر عدد من السجون كانت ''الخبر'' أشارت إليه قبل أسابيع، لما وقع 24 معتقلا على وثيقة تحمل مراجعة شرعية للأعمال الإرهابية عبر ملخص بحث احتوى على 20 صفحة كتبت بخط اليد في قاعات الاحتباس، يقول فيها موقعوها إن ''الأعمال التي كانت تنفذ باسم الدين قد نزع منها غطاء الشرعية بعد التدبر في كلام أهل العلم واستخارة الله في هذا الموقف''. وتساق المساعي داخل الزنازين ضمن مشروع شامل أطلقه قياديون سابقون في ''الجماعة السلفية للدعوة والقتال'' وذلك قبل نحو شهر بقيادة حسان حطاب، على أساس مبادرة جديدة تبدو كمقدمة ''مراجعات'' يدعون فيها عناصر التنظيمات الإرهابية للجنوح للسلم، وقد راسل قادة التنظيمات ''الجهادية''، سابقا، علماء ''الأمة المحمدية في عامة الأقطار والديار الإسلامية'' من أجل دعم المبادرة. وفي حال الوصول إلى المرحلة النهائية للمشروع، قد تكون التجربة الجزائرية الثالثة من نوعها في شمال إفريقيا بعد تجربة الجماعة الليبية المقاتلة، وكذلك مراجعات الجماعة الإسلامية في مصر، وكلاهما شددتا على تحريم الخروج على الحاكم، ورفضتا طريق العمل المسلح، والتأكيد على أهمية العلم والفقه الشرعي، ورفض اللجوء إلى القوة لتغيير المنكر، والتفريق بين الدعوة والجهاد. وقد ثمنت مراجعات الجماعة الليبية من قبل تيارات سلفية في المغرب، لكنها لم تدفع تنظيم ''الجماعة السلفية للدعوة والقتال'' سابقا والذي تحول إلى ''القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي'' إلا إبداء موقف منها وربما يكشف بيان ''مجموعة حطاب''، قبل أيام، عن نوايا لقياديي النشاط المسلح سابقا في الجزائر، وهم قالوا عنها: ''تحقيق مصالحة تاريخية يشارك فيها الكبار والزعماء والقادة والعلماء حفاظا على دين الأمة ومصالح بلاد الإسلام لتفويت الفرصة على أعداء الداخل والخارج''. ويبقى فقط أمام المشروع البحث عن ''مخرج قانوني'' ليس متاحا إلا في المادة ال47 من ميثاق السلم والمصالحة التي تعطي ''الحق للقاضي الأول في أن يتخذ ما يراه مناسبا من التدابير لاستكمال هذا المسعى''.