الكل يشتكي من الفساد ولا أحد استطاع أن يوقفه، والكل يقر بتفشي الجرائم الاقتصادية وانتشار اللصوصية ونهب المال العام، رغم تراجع الجرائم الأخرى حسب إحصائيات مصالح الأمن. كما أن تقرير منظمة شفافية دولية وضع الجزائر في آخر الترتيب، بحيث كلما ازدادت ثرواتها ارتفع فيها عدد اللصوص. آخر الواقفين على وضع السرقة اليومية لأموال الجزائريين كان رئيس الجمهورية، خلال افتتاح السنة القضائية، بحضور كل المعنيين مباشرة بمكافحة الجريمة، أي القضاة ومصالح الأمن. لكن الرئيس لم يعط الحلول، بل اكتفى بتوجيه نداء للقضاة من أجل فعالية أكثر في مواجهة الفساد، من خلال تدابير تحدث عنها عدة مرات، لكنها ظلت حبرا على ورق، كما هو الشأن بالنسبة لهيئة مكافحة الفساد وديوان قمع الفساد، وهي عناوين كبيرة بمضامين فارغة، لأنها أصلا غير موجودة في الميدان. المشكل أن تشديد العقوبات في القوانين لم ينفع يوما في التقليل من الجرائم، والدليل أن جرائم الزنى والسرقة والقتل في ازدياد حتى في الأراضي المقدسة، والعدد الهائل لمخالفات المرور وسحب رخص السياقة منذ تشديد أحكام قانون المرور. المطلوب إذن هو إيجاد ميكانيزمات الرقابة القبلية للمفسدين، وفق مبدإ الوقاية خير من العلاج، أي وضع وسائل تحول دون وصول اللصوص إلى المال العام. والمقصود باللصوص كل من يأخذ دينارا واحدا ليس من حقه، ابتداء بالمحتالين الذين استفادوا من منحة الدخول المدرسي إلى عبد المومن خليفة وعاشور عبد الرحمان لصوص آلاف الملايير. فعندما تغض الدولة الطرف عن معاملات مشبوهة واضحة للعيان يشاهدها الجزائريون ويتحدثون عنها في المقاهي، ثم تنتظر حتى ينتهي كل شيء وتختفي الملايير، لتعلن عن الإيقاع بشبكة تهريب أو عصابة اختلاس، فذلك عبث بعقول الناس. وعندما ترى القصور الفاخرة تنتشر كالفطريات والسيارات الفخمة تسير في الطرقات دون أن يجرؤ أحد على طرح سؤال من أين لك هذا؟ فلا داعي لكشف الفضيحة بعدما يهرب الجناة إلى الخارج ومعهم الأموال [email protected]