اليوم تحتفل ''الخبر'' بعيد ميلادها ال .20 وقد فتحنا طيلة أيام الأسبوع الماضي صفحاتنا للقراء والأصدقاء والمتعاملين لإبداء آرائهم في جريدتهم، وما حققته من إنجازات خلال مسيرة العقدين. وقد تبين من خلال كل هذه الآراء، حتى وإن كانت تحتوي في بعض الأحيان شيئا من المجاملة، إلا أن قراءة تلك التعاليق بنوع من التدقيق والتمعن نكتشف أن الرسالة التي أرادت ''الخبر'' إبلاغها للقارئ قد وصلت بشكل جيد؛ حيث أيقن أن ''الخبر'' كان همها الأول، ومنذ البداية، الحفاظ على استقلاليتها، لأنه دون استقلالية لا يمكنها لعب دورها الأساسي وهو كشف الحقيقة بحلاوتها ومرّها. كما تيقن أن ''الخبر'' لم تكن تريد وضع نفسها في مكان الوصي على المواطن، بل إنها اعتبرت نفسها، منذ البداية، مرآة للمجتمع تنقل أحداثه بأكبر قدر من الأمانة والحيادية.. وبعد كل هذا فلتستمر المغامرة.. ''الخبر'' أعطت مفهوما للمهنية والأخلاق الصحفية لقد رأيت من الواجب أن أحمل لكم أطيب التهاني والأمنيات بمناسبة عيد ميلاد ''الخبر'' الغرّاء. فلقد ولدت هذه الجريدة كبيرة والآن هي أكبر من ميلادها. ورغم بلوغها نهاية العقد الثاني، إلا أنها حافظت على شبابها وقوتها وعنفوانها، بل تأصلت أكثر وأكثر وأعطت مفهوما للمهنية والالتزام والحياد والأخلاق الصحفية التي صارت غائبة في هذا الزمن. كنا عسكريين و''الخبر'' ترافقنا بورقها، ونحسّ في قرارة أنفسنا أنه يوجد من يتنفس حسرتنا ومقاومتنا للموت والاغتيال. نلمس أنه معنا حامٍ قوي يقينا من طيش الرصاص وترصد العبوات الناسفة التي يزرعها القتلة في كل مكان. فقدنا الكثير من الزملاء من الضباط وصف الضباط والجنود رحمهم الله في عمليات إرهابية غادرة، وعندما قدمت ''الخبر'' شهيدها الأول أدركنا حينها أننا لسنا وحدنا في ميدان الموت والدمار المحدق بالبلاد، فيوجد من سلاحه القلم ولكن حبره صار دمه. عندما آثرنا أن نحمل القلم ونغرق في محاريب الكلمة ونغتسل بمداد لونه القاني، علّمتنا ''الخبر'' قيم الرصانة في العمل والاحترافية في الذود عن حمى الحقيقة.. علمتنا أنه بعد الموت يأتي الميلاد.. بعد الغروب سينبلج الشروق.. بعد الظلام سنرى النور حتما. لقد كانت ''الخبر'' معنا في كل مكان، حتى هنا في هذا المنفى الموبوء صرنا نحلم بغد على إيقاع ''الخبر''.. نحلم بوطن لا علة فيه.. بني على نضال ''الخبر'' في محاربة الفساد ومحاسبة المفسدين وحماية مستقبل أجيالنا اللاحقة. شخصيا منذ ميلادها أعتقد أنه لم يفتني الاطلاع على أي عدد منها. وأجزم لكم أنني في الغرب منذ أكثر من 4 سنوات لم تفتني الجريدة ليوم واحد. وحتى الحالات النادرة التي يحدث فيها خلل في موقعها الإلكتروني أعمل كل ما في وسعي من أجل الاطلاع عليها. يحق لنا كجزائريين أن نفتخر ب''الخبر''. والواجب علينا كإعلاميين أن نشيد بمسار صحيفة خرجت من رحم الدمار المترصد بوطننا الحبيب. واستطاعت أن ترفع هامتها في هذا العالم الموبوء بالصراعات والأمراض والأوبئة. ومن الخلُق الكريم ككتّاب أن نقف لها وقفة إجلال واعتزاز. ومن غير المهنية على الإطلاق أن نلوذ بالصمت وجريدة بمقام ''الخبر'' تحتفل بسن العشرين الذي هو للإنسان مرحلة قوة وتحدٍ وعنفوان، ولدى ''الخبر'' مرحلة البداية نحو أفق آخر سيكون أعظم شأنا مما مضى. وأنا على يقين إن أطال الله في أعمارنا، أننا سنحتفل بعيد ميلادها الأربعين، حينها نكون قد بلغنا من الكبر عتيّا، وربما نفقد ذاكرتنا بحكم الشيخوخة التي لا ترحم والتي ليس لها دواء.. في حين إن ''الخبر'' ستكون حتما مؤسسة في ريعان شبابها، تحمل على كاهلها ذاكرتنا جميعا، من خلالها على الأقل نجترّ ماضينا المشرّف الذي أتقنت ''الخبر'' فنّ الحفاظ عليه وتشبيبه وتجديده، ومنافسة الكبار في سباق محموم لا مجال للصغار أبدا أن يحلموا حتى بمدرجات المتفرجين. هنيئا ل''الخبر''.. هنيئا للجزائريين.. هنئيا لطاقمها المتحضر والمتنوّر الذي هو مدرسة حقيقية في علوم الإعلام والاتصال والخلق الراقي والكريم. أنور مالك - كاتب وصحفي جزائري باريس