اتّخذت حركة ألمانية مناهضة للأجانب من مجمع إسلامي يتواصل بنيانه في كولونيا بألمانيا ذريعة لشنّ حملة شرسة ضدّ الوجود الإسلامي في ألمانيا، ودفعها ذلك إلى التّحالف مع حزب الأحرار النمساوي اليميني المتطرف المناهض للمسلمين للاستفادة من تجربته في هذا الشأن. ويُعلِّق الألمان من أصل تركي -بحسب الجزيرة.نت- آمالاً كبيرة على مُجمّع يبنونه حاليًا في كولونيا بألمانيا، يريدون له أن يكون صرحًا متكاملاً، يضم مسجدًا ومركزًا ثقافيًا ومحلات خدمية بينها محل للحلاقة ووكالة سفر. غير أنّ هذا المبنى يواجه حملة معارضة شديدة من طرف حركة يمينية ألمانية شعبوية متطرفة، ترى أنّه لا يساعد في تشجيع اندماج الأتراك في المجتمع الألماني، وإنّما يمنحهم حرية الانزواء على أنفسهم والعيش في مجتمعهم الموازي. وأوردت صحيفة ذي أبزورفر البريطانية تقريرًا مفاده أنّ الحركة الألمانية ''برو كولونيا'' (من أجل كولنيا) تتّخذ من قضية هذا الصرح رأس حربة في مناهضة الوجود الإسلامي بألمانيا. وتنقل الصحيفة عن العضو بهذه الحركة، يرنت شوبه، قوله ''إن أردتم أن تروا مؤشّرًا على التّهديد الحقيقي لأسلمة ألمانيا، ما عليكم إلاّ أن تنظروا إلى هذا المسجد وقبّته ومنارتيه اللتين يبلغ ارتفاعهما 55 مترًا''. وتقول ذي أوبزورفر إنّ ''برو كولونيا'' الّتي حصلت في الانتخابات الأخيرة على خمسة مقاعد في مجلس بلدية كولونيا تأمل من خلال التّحالف مع حزب الأحرار النمساوي اليميني المتطرف (دذئ) أن تعزّز موقفها. وتشير الصحيفة إلى أنّ الحزب النمساوي استطاع أن يحصل على 26% من أصوات ناخبي العاصمة فيينا في الانتخابات الّتي جرت هناك في وقت سابق من هذا الشهر. وذكرت أنّ حزب الأحرار استخدم خلال حملته شعارات تحث المسلمين على ''العودة إلى بلدانهم'' كما صمّم لعبة كومبيوتر يحقّق اللاعبون فيها نقاطًا كلّما تمكّنوا من إطلاق النّار على مساجد أو مآذن. ويبدو أنّ هناك تطابقًا بين الحركة الألمانية والحزب النمساوي المتطرف، وهو ما تؤكّده لذي أبزورفر نائبة رئيس حركة برو كولونيا جوديث فولتر حين تقول ''نشاطرهم نفس الأفكار''. وتصف فولتر الشراكة بين الطرفين بأنّها ''جيّدة، فهم بحاجة إلينا لبناء جناح للحركة اليمينية في أوروبا قبل الانتخابات البرلمانية الأوروبية في عام 2014، ونحن بحاجة إليهم لمساعدتنا في كسب المزيد من الناخبين، وسنكون سعداء بتبنّي اسمهم''. وتضيف النائبة أنّ حركتها تعمل كل ما في وسعها لتلميع صورتها لدى عامة النّاس، كما أنّها تخوض معركة قضائية لإزالة اسمها من قائمة الجهات الّتي تخضع لرقابة المكتب الألماني لحماية الدستور، الّذي يخضع هذه الحركة للرقابة على خلفية تصريحات مناهضة للأجانب. وتقول الصحيفة إنّ التّحالف بين هاتين الجهتين اليمينيتين يأتي بعد وقت قصير من نشر السناتور الألماني السابق تيلو سارازين لكتابه ''ألمانيا تحفر قبرها بيدها'' الّذي انتقد فيه بشدّة ما أسماه ''الإفراط في تدجين الأجانب''. كما يأتي على إثر تصريحات للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أكّدت فيها ''الفشل الذريع لسياسة اندماج الأجانب'' في المجتمع الألماني، ومطالبة شريكها في الحكم زعيم الاتحاد الاشتراكي المسيحي، هورست سيهوفر، بوقف قبول ألمانيا المزيد من المهاجرين من تركيا والعالم العربي. وردًا على هذا الجدل المتنامي بشأن مجمع كولونيا والإسلام والمسلمين بشكل عام في ألمانيا، نقلت ذي أبزورفر عن الأمين العام للمجلس المركزي لمسلمي ألمانيا، نورهان سولكان، قولها إنّها ''تحس بالرعب'' بسبب ما وصل إليه هذا الجدل، قائلة ''يكفيك اليوم أن تُسيء قليلاً في الطريقة الّتي توقف بها سيارتك، كي تأتي إحدى العجائز وتصرخ في وجهك قائلة ''من الأفضل لك أن تعود من حيث أتيت''.