رسم عام 2010 انتقال الجزائر من مكافحة الإرهاب داخليا إلى ملاحقته خارجيا. وإن كانت الاستراتيجية الخارجية قد شرعت فيها الجزائر منذ أعوام، إلا أن السنة الجارية شهدت تكثيفا في النشاط الدبلوماسي لدواع أمنية، موازاة مع السيطرة الأمنية في الداخل. يعتبر 2010 العام الأكثر استقرارا من الناحية الأمنية الداخلية مقارنة مع الأعوام الفارطة، وتعتبر كذلك، عام التحدي الخارجي في مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل الصحراوي، بينما أرست الجزائر سياسة أمنية، سعت من خلالها لفرض أطروحاتها التي بلورتها من خلال حصيلة 18 عاما من محاربتها للظاهرة. وقال رئيس خلية المساعدة القضائية لتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، مروان عزي، إن ''هناك ظروفا اجتمعت لتساهم في تراجع العمليات الإرهابية خلال العام الجاري''. وأضاف في تصريح ل''الخبر'' أن ''سنة 2010 عرفت موجة توبة جماعية لإرهابيين بعد خمس سنوات من بداية تنفيذ قانون المصالحة الوطنية، حيث ترك أمراء وقياديون بارزون العمل المسلح''، ويضيف أنه بالموازاة مع ذلك ''شهد العام الجاري عملا أمنيا مكثفا قادته القوات الأمنية ضد معاقل الإرهاب، فقامت بعمليات نوعية قضت فيها على العديد من الإرهابيين كما الرؤوس المدبرة للاعتداءات، ما أدى إلى تراجع الإرهاب''. وشهدت السنة الجارية أقل عدد من الضحايا منذ ,2005 بداية تطبيق قانون السلم والمصالحة الوطنية، حيث أكد مروان عزي أن المصالح المعنية أحصت خلال الخمس سنوات الماضية 1290 قتيل، وهو رقم أقل بكثير مما تم تسجيله ما بين 2000 و,2005 على الرغم من سياسة الوئام المدني. فيما يرى متتبعون أن من أهم أسباب نجاح قوات الأمن في تقزيم الإرهاب، الاستفادة من المعلومات المستقاة من التائبين، واعتماد خطة المباغتة وتنفيذ عمليات أمنية مفاجئة بمعاقل الإرهابيين. وكانت الجزائر في 2010 الأكثر خوضا في القضايا الأمنية المتصلة بمكافحة الإرهاب دوليا، من خلال ضغطها على المجموعة الدولية من أجل قبول مقترحها تجريم دفع الفدية للجماعات الإرهابية، بعد سلسلة الاختطافات التي طالت الرعايا الأجانب بمنطقة الساحل، وجنت الجماعات الإرهابية نحو 150 مليون دولار من أعمال الاختطاف. كما شدّد مستشار الرئيس بوتفليقة المكلف بقضايا حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، كمال رزاق بارة، بينما نجحت الجزائر في افتكاك مصادقة وزراء الداخلية العرب، على وثيقة تجريم الفدية، خلال اجتماعهم الأسبوع الفارط بالقاهرة، علاوة عن إعلان بريطانيا مساندتها الكاملة لموقف الجزائر من قضية الفدية، لدى زيارة وزيرها المكلف بشمال إفريقيا والشرق الأوسط، أليستر بورت، الجزائر، شهر نوفمبر المنقضي. في السياق ذاته، راجعت الجزائر رؤيتها لمسألة مكافحة الإرهاب في الساحل الصحراوي، وبدت خلال العام الجاري أكثر صرامة في قضية ''السيادة المحلية للدول المعنية''، وأرست استراتيجية محددة في تعاونها مع الدول الأوروبية والولايات المتحدةالأمريكية مبنية على ''التعاون دون التدخل''، بعدما رأت أن منطقة الساحل أضحت عرضة لتنافس قوى دولية تقليدية تسعى للاستحواذ على ثروات المنطقة لأغراض سياسية وجيواستراتيجية. وعبر عن ذلك وزير الداخلية دحو ولد قابلية، الذي حذر خلال جلسة برلمانية مؤخرا من وجود مخطط أجنبي يهدف إلى الاستحواذ على ثروات منطقة الساحل تحت غطاء مكافحة الإرهاب، واعتبر أن الظاهرة الأمنية في منطقة الساحل ''لم تعد ظاهرة معزولة عن غيرها أو استثنائية، ولكن استراتيجية مخططا لها بحكمة، وكان يجب التعامل معها تعاملا شاملا ومن مختلف المحاور''.