شرع الموزعون وتجار الجملة، أمس، في العمل مع الشركات المنتجة والمستوردة للمواد واسعة الاستهلاك بشكل غير شرعي، بعد تلقيهم أخبارا أن تلك الشركات لن تشترط التعامل بالفواتير والتحقق من السجلات التجارية، إلى غاية 31 مارس القادم. عودة تجار الجملة للنشاط يأتي بعد امتثال الشركات ذاتها لأمر الحكومة بعدم تغيير طريقة تعاملها معهم. نزل خبر عدم اشتراط الشركات المنتجة والمستوردة للمواد واسعة الاستهلاك للتحقق من صحة السجلات التجارية والتعامل بالفواتير، لينعش نشاط تجارة الجملة المتمركزة في عدد من أحياء العاصمة. وقد بدأت حركة شاحنات نقل السلع تدب في أحياء مثل السمار التي يتواجد فيها عدد كبير من محلات تجارة الجملة. وقد أشارت مصادر ''الخبر'' أن موزعي الشركات المنتجة والمستوردة للسلع ذاتها قد تلقوا تعليمات بالعمل دون فوترة يوم أمس، في إجراء تقول مصادرنا سيمتد إلى غاية 1 أفريل القادم، وهو تاريخ بداية الشروع في إلزامية اللجوء إلى وسائل الدفع البنكية، منها الصكوك، لإبرام الصفقات التي تتجاوز قيمتها 50 مليون سنتيم. وأفادت مصادرنا أنه لا نحتاج إلى دلائل كثيرة للتأكد من تهرب جبائي شبه مقنن، سنته الحكومة بداية الأسبوع الجاري. وأعطى المتحدث مثلا عن سعر الكيلوغرام من السكر المتفق عليه أول أمس ليعرض على المستهلك الجزائري، والمحدد ب90 دينارا. وأوضح مصدرنا أن سعر الكيلوغرام الذي يخرج من مصنع سيفيتال قد حدد ب78 دينارا، ولا يجوز أن يتجاوز 90 دينارا عند عرضه على المستهلك، بما يعني أن هوامش الربح التي يقتسمها الموزعون وتجار الجملة ونصف الجملة والتجزئة (الوسائط) لن تتعدى 12 دينارا. مجموع هوامش الربح المذكور لا يرغب التجار تقليصه عبر تحمل إدراج الرسم على النشاط المهني المقدرة نسبته 2 بالمائة في تعاملاتهم التجارية، فهذا الرسم من المفروض أن يكون مدرجا في تكلفة كل صفقة شراء وبيع، وتدرج أيضا في العناصر المحددة للأسعار عند التعامل بالفواتير والسجلات الحقيقية التي تمكن مصالح الضرائب من مراقبتها. وأضافت المصادر ذاتها أنه لا يجب نسيان الأعباء الأخرى غير الضريبية المدرجة في تركيبة الأسعار، مثل تكلفة النقل واليد العاملة التي يشغلها الموزعون وتجار الجملة خاصة. مثال السكر ينطبق أيضا على الزيت، فزيت'' إيليو'' يخرج من مصانع سيفيتال بسعر 535 دينار لدلو ذي سعة 5 لترات والمتفق على بيعه للمستهلك الجزائري بسعر 600 دينار، حسبما أشارت إليه مصادر متطابقة من بين مختلف المتعاملين في القطاع التجاري. وقد طرحت المصادر ذاتها عدة تساؤلات بديهية. هل اتفقت الحكومة مع المتعاملين الاقتصاديين على صيغة تعامل تجاري غير شرعية؟ وهل أعطتهم الضمانات لمواصلة العمل بهذه الصيغة، وبأن مصالح الضرائب لن تتابعهم وتجري تصحيحات ضريبية، بعد أن يتم إجبار هؤلاء المتعاملين على كشف الحسابات الحقيقية في أفريل القادم حين تطبق إلزامية العبور على النظام البنكي في عقد صفقاتهم؟ وهل تدرك الحكومة ما تفعل وأنها تعتزم إصدار إجراءات تحفظ بها ماء الوجه كتأجيل إلزامية الدفع بالصكوك إلى آجال أخرى وتتنازل عن محاربة السوق السوداء وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب أو تقترح عفوا ضريبيا مثلا؟