أمر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، في تعليمة وجهها إلى الوزير الأول أحمد أويحيى بتاريخ 13 ديسمبر الفارط، بتطبيق مجموعة من الإجراءات الصارمة في مجال تفعيل مكافحة الفساد والجرائم المالية التي ''فاحت'' رائحتها بشكل بارز في المدة الأخيرة. قد طالب بشكل مستعجل الحكومة بتنصيب الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته التي تم إنشاؤها في نوفمبر ,2006 وتعزيز مسعى الدولة باستحداث ديوان مركزي لقمع الفساد، بصفته أداة عملياتية ''تتضافر في إطارها الجهود للتصدي قانونيا لأعمال الفساد الإجرامية وردعها''. كما أمر الرئيس بوتفليقة التعجيل بتجديد تشكيلة خلية معالجة الاستعلام المالي التي انقضت عهدتها قانونا، إضافة إلى الاطراد في تنشيط دور مجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية وبنك الجزائر في مجال محاربة الفساد. وحسب المعلومات التي حصلت عليها ''البلاد''، فإن رئيس الجمهورية ألزم في التعليمة الرئاسية رقم ,03 كل الإدارات والمؤسسات العمومية باتخاذ التدابير اللازمة لحماية المال العام، وفرض الرقابة على الصفقات العمومية وتحسين الشفافية في التعاطي معها. كما نصت التعليمة على ضرورة الإسراع في تحديث الأطر التشريعية والتنظيمية للأمر بالصرف في مجال تدبير الاقتصاد والمالية، وذلك بالتكييف المتواصل والصارم للنصوص التشريعية والتنظيمية لكي يتأتى الحكم في قضايا الفساد المطروحة على العدالة وفقا لخطورة الأفعال المقترفة، ومعالجة قضايا الفساد من قبل خلايا متخصصة (أقطاب مالية) على مستوى العدالة ومصالح الشرطة القضائية. وفيما يخص تحسين الشفافية في التعاطي مع الصفقات العمومية، أكد القاضي الأول في البلاد على تعبئة القدرات البشرية المتوفرة على المستوى الوطني، من قضاة ونواب عامين ومحامين، من أجل أن يتم لدى الإدارات العمومية إحداث مناصب أو وظائف المستشارين القانونيين القادرين على إعمال الخبرة على الإجراءات المتبعة في مجال الصفقات العمومية وتنبيه السلطات عند الاقتضاء، فضلا عن تحديد المجال الذي يبرر اللجوء إلى شركاء متعاقدين أجانب، الذي يساعد على التحكم في اللجوء المفرط إلى المتعامل الأجنبي، وعلى تثمين خبرة المتعاملين الجزائريين. وفي هذا الجانب تلزم التعليمة فرض حتمية مراقبة الملائمة فيما يتعلق باختيار الشركاء المتعاقدين من قبل المتعاملين العموميين، بما يضمن تفضيل الشركاء الجزائريين كلما أمكن ذلك، بما يسمح للقطاع الوطني بالازدهار وتجاوز الطور البدائي الذي يقبع فيه، وتجميع دراسات الجدوى والملائمة المنجزة على المستوى المركزي قصد إحداث بنك مراجع ومعلومات يستفاد منها في إعداد البرامج الحكومية مستقبلا. وفي هذا المجال أشارت التعليمة بصراحة إلى أنه ''تم استيقاء بعض الإشارات تفيد بوجود سوق حقيقية في الخارج لدراسات افتراضية ووهمية تباع بالعملة الصعبة من قبل بعض المتعاملين الأجانب لمتعاملين جزائريين من حيث لا يدرون أو بتواطؤ منهم''. وفي السياق ذاته أكدت التعليمة على صياغة أساسية قانونية للتصريح بالنزاهة الذي يتعين التوقيع عليه من قبل الشركاء المتعاقدين، الجزائريين والأجانب، الراغبين في تقديم عروض للحصول على الصفقات، ومن قبل من يعمل معهم بالمناولة بحيث يلتزم الشريك المتعاقد بتوقيعه على التصريح بالنزاهة بعدم منح أي عمولة للوسطاء، ويقبل الاعتراف بما ينسب إليه من أخطاء في حالة الإتيان بالبينة التي تثبتها. ولم يقتصر التصريح بالنزاهة على استعمال الأموال العمومية وجميع أنواع الصفقات فحسب، بل سيشمل هذا التصريح صفقات المؤسسات والشركات العمومية والشركات المختلطة التي تملك الدولة جزءا من رأسمالها.