الجزائر غير راضية عن الظروف المتبعة في منح التأشيرة الأوروبية المجلس الاستشاري للجالية بصيغته القديمة غير قابل للتطبيق - منحنا أكثر من 100 ألف تأشيرة لفرنسيين السنة الماضية كشف كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية في الخارج، حليم بن عطا الله، في مقابلة مع ''الخبر''، أن الحكومة لن تتنازل عن مبدأ الأفضلية في اتفاقية 1968 مع فرنسا، مشيرا إلى عدم رضا الجزائر عن الظروف المتبعة لمنح التأشيرة الأوروبية للمواطنين الجزائريين. وذكر أن جولة من المشاورات مرتقبة في أفريل المقبل، من شأنها أن تحدد ملامح جدول أعمال المفاوضات الرسمية حول تنقل وإقامة وعمل الجزائريين في فرنسا. قال بن عطا الله إن الحكومة تحاول تغيير النظرة القائمة حاليا عن الجالية، وبأنها ليست مصدر مشاكل أبدا. فلأبنائنا في المهجر مطالب وانشغالات، وعلينا الإجابة عليها بواقعية وموضوعية، ولهم مساهمة مثل إخوانهم في الداخل تماما في تحقيق النهوض بالبلد. ويرى بن عطا الله بأن وضعية الجالية في الخارج تغيرت عما كانت عليه في الماضي، فأفرادها من الأجيال الجديدة لديهم ذهنيات مختلفة وبحاجات متنوعة ومغايرة لاحتياجات أسلافهم. ولهذا السبب، نحن نسعى لمساعدتهم بقدر الإمكان حيثما وجدوا، مع إقامة جسور وقنوات اتصال فعالة ودائمة. وحسبه، فإن الجالية الجزائرية في الخارج تشتمل على ثلاث فئات. الأولى تضم النخب المتعلمة أو ذات الكفاءات العالية، وتشغل مواقع هامة في الدول المضيفة. والثانية تضم الأفراد الذين لم يقوموا بتسوية أوضاعهم القانونية، والاتصال مقطوع معهم. والثالثة فئة تبحث عن التواصل مع الوطن الأم، ويحتاجون أيضا لمساعدة الدولة لإدماجهم وتسهيل عودتهم. ويذكر بن عطا الله أن فرنسا تكاد تكون هي البلد الوحيد الذي ينتظم فيه الجزائريون في إطار نسيج جمعوي منظم، وأن العامل الثقافي هو القاسم المشترك بين كافة مكونات هذا النسيج، خلافا للحالة المشاهدة في إيطاليا وبريطانيا وألمانيا. وتعتبر المساجد المسيّرة من الجمعيات الجزائرية قاطرة هذا النشاط، بفضل حضورها القوي في الميدان وتقدم خدمات للجالية الجزائرية وللمسلمين عامة، بالإضافة إلى رعايتها لعمليات تضامنية قوية. وفي هذا الصدد، أعلن بن عطا الله عن شروعه في جولة حول المدن الفرنسية اعتبارا من 2 أفريل المقبل، للالتقاء بالحركة الجمعوية هناك وزيارة المسجد الكبير في باريس والفدراليات المنضوية تحت مظلته، وعددها ثمانية. وعن سبب هذه الزيارة في هذا التوقيت بالتحديد، أجاب الوزير بن عطا الله: ''نعتقد بأن أبناءنا وإخواننا هناك بحاجة إلى من يستمع لانشغالاتهم، وتأكيد وقوف وطنهم الأم إلى جانبهم في كل الظروف''. وعن الاجتماع الذي جمعه مؤخرا بعميد مسجد باريس، قال بن عطا الله إنه تناول وضعية الجزائريين المسلمين في فرنسا، مشيرا إلى أن مسجد باريس يعتبر همزة وصل بين الجزائروفرنسا، وقد شكل دوما محور مشاورات بين البلدين. وعن نتائج عمل الحكومة في مجال ربط الجالية الوطنية مع بلدهم الأم، أجاب بن عطا الله أن ''خطة العمل المعتمدة بدأت بالاستماع المباشر لجاليتنا، وهي مرحلة انتهت في ديسمبر الماضي. والآن، نحن بصدد تنفيذ المرحلة الثانية لأول مرة، والمتمثلة في صياغة رؤية بعيدة المدى، كانت محل نقاش داخل الحكومة في اجتماع عقد في 5 جانفي الماضي''. وعن أبرز ملامح خطة العمل للفترة المقبلة، ذكر الوزير بأنها تشتمل على تشجيع الحركة الجمعوية للجزائريين في الدول المستقبلة لهم، باستثناء الدول العربية مثل ليبيا وتونس والمغرب، لأن قوانينها لا تسمح بإنشاء جمعيات للأجانب. ومن أجل ذلك، اعتمدت الوزارة عقد لقاءات لأول مرة مع النخب الجزائرية في مدينة ليون الفرنسية يوم 2 أفريل الداخل، تضم منتخبين من أصول جزائرية وجامعيين وباحثين ورجال الثقافة. كما سيعقد لقاء مماثل في العاصمة البريطانية لندن يوم 16 أفريل، يهدف لإنشاء شبكة للنخب الجزائرية في هذا البلد. وفي أجندة الوزارة أيضا، نجد تنظيم جامعة صيفية في مدينة تلمسان بداية جويلية القادم، تشارك فيها النخب الجزائرية من كل بقاع العالم. وعن سؤال حول مصير مشروع المجلس الاستشاري للجالية الذي أعده سلفه جمال ولد عباس، أجاب بن عطا الله: ''المشروع ذو هدف سياسي، ويتطلب نجاحه توفير عدة عوامل، أهمها أن يتوجه للجالية نفسها ويتكون منها وتشارك فيه، أي لا ينبغي أن يكون من صميم مبادرة الحكومة الجزائرية، التي ينحصر دورها في تقديم الدعم والمساندة فقط''. وأضاف بن عطا الله في نفس السياق: ''أستطيع القول بأننا بدأنا نتلقى أفكار ومساهمات جاليتنا حول التصور الجديد للمشروع، ونحن في مرحلة تبادل الآراء، والحكومة ملتزمة بضرورة تجسيده، إذا، ما كان سيملأ الفراغ المسجل في العلاقة بين الجزائر وأبنائها في المهجر، وأستطيع القول أيضا إن الفشل غير مسموح به على الإطلاق في هذا المجال''. أملاك الجزائريين في المغرب وردا على سؤال حول استعادة ممتلكات الجزائريين في المغرب، والتي كانت محور لقاء جمعه مع ممثلي الجالية هناك السنة الماضية، أجاب بن عطا الله أن هذه المسألة ''مرتبطة بالحوار بين البلدين، لأنها عنصر من عناصر العلاقات الثنائية، وتندرج ضمن مسؤولياتنا.. والحكومة لا تغفل هذا الملف، ولن يغيب عن جدول أعمالنا أبدا، فقط ننتظر توفر جو سياسي جديد يسمح لنا بالتطرق إليه، والدفع به في إطار شامل لا يتجزأ''. وعن الجزائريين المتواجدين في دول العالم بصورة غير قانونية، قال بن عطا الله إنه ''لا يوجد رقم محدّد، لأنهم لا يتواصلون مع سفاراتنا إلا بعد إلقاء القبض عليهم من طرف الشرطة''، موضحا بأنه يوجد من يتصل بالمصالح القنصلية من أجل تبليغ رغبته في العودة لأرض الوطن، مثلما حصل في اليونان، حيث تمت تسجيل عودة ألف جزائري نهائيا. ويمكن القول أيضا إن هناك فئة ثالثة من الجزائريين الذين يصرّون على الغربة بأي ثمن، ويرفضون أي علاقة مع المصالح القنصلية. وبصورة عامة، حسب الوزير ''الظروف هي التي تتحكم في عودة هؤلاء''. فرنسا واتفاقية 1968 وسألت ''الخبر'' بن عطا الله عن جديد المحادثات الجارية مع فرنسا حول ''تحيين'' الاتفاقية المتعلقة بتنقل وإقامة وعمل الرعايا الجزائريين في فرنسا وعائلاتهم، الموقعة بين البلدين في 27 ديسمبر .1968 وفي هذا الصدد، كشف بن عطا الله أن ''الجانب الفرنسي يأمل في تحيين الاتفاقية. وبالنسبة إلينا، عبّرنا عن موقف مبدئي يتعلق باحتفاظ الجالية الجزائرية بمبدأ الأفضلية في التنقل والعمل والإقامة وحقوق المتقاعدين والمرضى، بل نرى توفير مزيد من الأفضلية''. وأضاف أن ''الجانب الفرنسي يقدّر أن التشريع الجديد يتوفر على مزايا جديدة أفضل من اتفاقية .68 حاليا، نحن نقوم بدراستها حالة بحالة، وما إذا كانت ستضمن الأفضلية لجاليتنا أم لا''. وعما إذا تم تحقيق تقدم في المشاورات التي جرت الشهر الماضي، قال بن عطا الله إنها تناولت موضوع تأشيرة الإقامة القصيرة والصعوبات التي تعيقها، وأن الجزائر قدمت وجهة نظرها فيها، مشيرا إلى أن جولة جديدة من المشاورات مرتقبة في أفريل لضبط جدول أعمال المفاوضات الخاصة بالاتفاقية برمتها. وعن تحفظات الجزائر بخصوص التأشيرة، سجل بن عطا الله عدم رضا الجزائري عن الطريقة المتبعة في منح التأشيرة لطالبيها الجزائريين. وقال في هذا الصدد: ''الإجراءات التي تطبقها الجزائر على الأوروبيين عموما أسهل وأفضل بكثير من شروطهم، وطلباتهم تلبى بنسبة لا تقل عن 95 في المائة''. وعن حصة الفرنسيين منها، أجاب أن المصالح القنصلية الجزائريةبفرنسا منحت السنة الماضية 101400 تأشيرة لرعايا فرنسيين، وخلال شهري جانفي وفيفري الماضيين فقط، تم إصدار 8600 تأشيرة. ضحايا الزواج المختلط في تزايد وأغلبها مع أجانب من الشرق الأوسط وبخصوص تفاقم ظاهرة الزواج المختلط الذي كثيرا ما يذهب ضحيته رعايا جزائريون وأبناؤهم، أرجع بن عطا الله الأسباب إلى غياب الوعي لدى المقبلين على هذا النوع من الزيجات، مشيرا إلى أن التقارير التي أعدتها المصالح القنصلية في الخارج تبيّن أن أغلبية الجزائريين والجزائريات الذين راحوا ضحية هذا النوع من الزيجات، وقعوا فريسة ل''تضليل وخداع''، ينتهي بمآس يدفع ثمنها أبناؤهم من هذه الزيجات. وفي هذا الشأن، دعا بن عطا الله إلى ''ضرورة التوعية إزاء خطر ارتباط بأجانب لا يكون مبنيا على أسس واضحة وقانونية''، موضحا بأن ''أكثرية الضحايا خدعوا أو ضللوا بواسطة علاقات التعارف عبر الأنترنت، كما أن أكبر عدد من الضحايا سجل من علاقات زواج مع أجانب من الشرق الأوسط''. وعن دور البعثات الدبلوماسية والقنصلية في مواجهة هذه الظاهرة، قال بن عطا الله إن مهمتها تتمثل في ''مرافقة الضحايا قانونيا، من خلال توكيل محامين يدافعون عنهم والوقوف إلى جانبهم''.