استعمل وزير الخارجية الفرنسي عبارة ''يجب أن تكون هناك تتمة'' في حديثه عن الإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، والتي وصفها ألان جوبي يومها بأنها ''تذهب في الاتجاه الصحيح''. وتأتي هذه الخرجة الجديدة لرئيس الدبلوماسية الفرنسية بعدما كان يردد بأن لديه ''تحفظا'' عندما يتعلق الأمر بالحديث عن الجزائر. قال ألان جوبي، ردا على سؤال بشأن موقفه الذي وصف فيه الإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة بأنها ''بداية حسنة''، رغم أنها اعتبرت بغير الكافية من قبل المعارضة والصحافة المستقلة في الجزائر، بأنه ''عندما نقول بأنها بداية حسنة، هذا يعني يجب أن تكون هناك تتمة''، في إشارة إلى أن باريس لم تقتنع بما قدمه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتنتظر خطوات أكثر جدية مما تم الإعلان عنه إلى حد الآن من إصلاحات، وهو ما يعني أن خليفة ميشال أليو ماري في قصر الكيدورسي تخلى عن ''التحفظ'' الذي أوصى به الرئيس ساركوزي وزراءه عند التعاطي مع الشأن الداخلي الجزائري، وبدأ يحشر أنفه صراحة في طبيعة الإصلاحات المطلوب على الحكومة الجزائرية القيام بها. هذه الخرجة للكيدورسي يشتم منها محاولة ممارسة ضغوط على الجزائر لا علاقة لها طبعا بطبيعة الإصلاحات السياسية ولا صلة لها بالديمقراطية، لأن فرنسا أثبتت أكثر من مرة وآخرها في تونس، أنه لا تهمها هذه الديمقراطية بقدر اهتمامها بمصالحها وضمان صفقاتها التجارية والاقتصادية. ومن ثم فإن استعمال رئيس الدبلوماسية الفرنسية لمصطلح ''يجب''، وهي كلمة غير محببة في الأعراف الدبلوماسية بين الدول، تحمل في طياتها معنى ''ابتزاز'' يراد من ورائه جر الجزائر إلى المستنقع الليبي وإخراجها من موقف الحياد الذي التزمته إزاء الأزمة الداخلية في ليبيا. وهذه الرغبة في إلحاق الجزائر بالتحالف الدولي الذي تقوده فرنسا وبريطانيا، سبق أن عبر عنه السفير الفرنسي بالجزائر، كزايفيي دريانكور، الذي تأسف لعدم حضور الجزائر في لقاء لندن الذي جرى منذ أسبوعين لدراسة كيفية دعم المعارضة المسلحة في ليبيا، وهو الموعد الذي قاطعته الجزائر. تصريح آلان جوبي الذي يؤشر لوجود تراجع في الموقف الفرنسي، في أقل من أسبوع، بعدما قال إن الإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ''تذهب في الاتجاه الصحيح''، تأتي عشية انطلاق المفاوضات بين البلدين حول عدة ملفات اقتصادية في اللقاء الثاني بين الوزير الأول الأسبق، جون بيار رفاران، ووزير الصناعة الجزائري، محمد بن مرادي، قصد حلحلة القضايا الخلافية والشروط المطروحة من كل طرف، وهو ما يجعل ''توصيات'' ألان جوبي ليست بمعزل عنها.