قال وزير الاتصال، ناصر مهل، في منتدى ''المجاهد'' الأخير حول ''واقع الإعلام والصحافة الجزائرية'': ''هناك من الصحفيين من يتقاضى ستة آلاف دينار عن عمله الشهري''، ثم استطرد قائلا: ''... عار علينا كحكومة وكمديري صحف أن يبقى هذا الوضع''. فهل للسيد الوزير أن يكشف عن أسماء هذه الجرائد التي تحتقر الصحفيين إلى هذه الدرجة المهينة، وهل السلطة التي يمثلها هذا الوزير عاجزة عن وضع حد لهذا العبث وهذا الاستخفاف بقوانين الجمهورية وبمهنة يفترض أنها مقدسة... مأساتنا في الجزائر أن الجميع بمن فيهم الوزراء وكبار المسؤولين ومنهم ناصر مهل... يتحدثون من موقع يظهرون فيه أنفسهم وكأنهم ضحايا وليسوا أصحاب قرار. إذا كان الوزير لا يعرف ما يجري في القطاع فتلك مأساة... أما إذا كان يعرف لكنه عاجز عن فعل أي شيء فالمأساة مضاعفة... وفي الحالتين - يعرف أو لا يعرف - نقول أو نكشف له أن عالم الصحافة المكتوبة في الجزائر يزخر بأكثر من ثمانين يومية... يعجز وزير العدل الذي منحها الاعتماد مثله مثل وزير الاتصال تماما، عن ذكر عشرة منها... نعم يعجزان وتعجز كل إطارات الوزارتين المذكورتين عن ذكر عشرة أسماء منها، لكنهم يتباهون - ونقصد هنا الوزيرين - بهذا العدد الكبير جدا من اليوميات عند الحديث عن التعددية الإعلامية في الجزائر... هذه حقيقة أولى. بعض هذه الجرائد لا تسحب من النسخ إلا تلك التي توزعها على بعض المؤسسات والهيئات العمومية للإبلاغ على أنها تصدر بانتظام... هذه حقيقة ثانية. الأغلبية الساحقة والمطلقة من الجرائد لا تدفع لا بانتظام ولا بغير انتظام مستحقات الطبع، لكنها تصدر مع ذلك بانتظام، وبطبيعة الحال تتغاضى المطابع وهي مطابع تملكها الحكومة عن هذا الجانب، ولا تطالب بمستحقاتها... هذه حقيقة مخزية أخرى من حقائق صحافتنا المكتوبة. معظم الصحف ومنها تلك التي لا يقرأها أحد... نعم لا يقرأها أحد بما في ذلك صحافيوها ومالكها أو مالكوها، تتلقى صفحة أو صفحتين إشهاريتين يوميا بما يضمن ربحا معينا لصاحب أو أصحاب الجريدة، دون أن تلزم الجهة المحتكرة للإشهار، والتي يفترض أنها الحكومة، صاحب أو أصحاب هذه الجرائد بتأمين الصحفيين اجتماعيا، ولا نقول تلزمهم بتوفير راتب مقبول ولا نقول محترما لصحفييها، ولا نتحدث بطبيعة الحال عن ضرورة إلزامها بدفع مستحقات الطبع للمطابع الحكومية. هذه حقيقة رابعة. بطبيعة الحال هناك عشرات الحقائق المخزية الأخرى، خاصة المتعلقة بملف الإشهار الذي غرق وبعلم كل السلطات، في ممارسات لا أخلاقية تتنافى مع قوانين الجمهورية، لكن ولأن الجميع متورط وغارق حتى الأذنين في فساد لا يضاهيه إلا فساد نظام حسني مبارك في مصر، فإن الأمور تمر عندنا بشكل عادي، والنتيجة أن أصبح وزير القطاع ناصر مهل يصف جزءا من الممارسات المعاشة بالعار لكنه يعجز عن وضع حد لهذا العار. أخيرا... نقول إن عار الصحافة المكتوبة الخاصة يمثل شجرة واحدة ووحيدة في غابة فساد الإعلام الحكومي، والتلفزيون منه على وجه الخصوص، فهل السيد الوزير على استعداد لنشر جزء من هذا الفساد دون إلزامه بتحمل المسؤولية المترتبة عن ذلك.