إنّ للجار حقًّا عظيمًا عند الله، حيث أوجب الإحسان إليه وحرّم إذايته بأيّ نوع من أنواع الإيذاء، كما أوصى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. وقد قال الله تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القُربَى واليتامى والمساكين والجار ذي القُربَى والجار الجُنُب والصّاحب وابن السّبيل وما ملكَت أيمانُكم}. وعن ابن عمر وعائشة، رضي الله عنهما، قالا: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''ما زال جبريل يوصيني بالجار حتّى ظننتُ أنّه سيورِّثُه''.. متفق عليه. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُحسِن إلى جاره''.. رواه مسلم. وقد حذّر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من إلحاق الضرر أو الأذى بالجار، وتوعّد مَن يفعل ذلك بعقاب عظيم، حيث قال صلّى الله عليه وسلّم: ''والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن''. قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: ''الّذي لا يَأمَن جارُه بوائقه''.. متفق عليه. وفي رواية لمسلم: ''لا يدخُل الجنّة مَن لا يأمَن جارُه البوائق: الغوائل والشُّرور''. وقال صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره''.. الحديث متفق عليه. فعلى هذه الجارة أن تتوب إلى الله وأن تكفّ أذاها عن جارتها مهما كان نوع الأذى، من تجسُّس أو غيبة أو رمي للأوساخ أو غيره. وإذا ابتُلي المسلم بجار سيِّء فليصبر عليه، فإنّ صبرَه سيكون سبب خلاصه منه، فقد جاء رجل إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يشكو جاره، فقال: ''اذْهَبْ فَاصْبِرْ''. فأتاه مرّتين أو ثلاثًا فقال: ''اطْرَحْ متاعَك في الطريق'' فطرحه، فجعل الناس يمرُّون به ويقولون مالك؟ فيقول: آذاني جاري، فيلعنون جارَه، حتّى جاءهُ وقال له: رُدَّ متاعك إلى منزلك فإنّي والله لا أعوذ''.. رواه أبو داود. وأنصح السيدة الكريمة بأن تحقّق في جوارها مع جيرانها في ثلاثة أمور كما بيّنها الفقهاء، وهي: بذل الندى، وكفّ الأذى، والصبر على الأذى.. والله أعلَم.