الجار له حق في الإسلام عظيم، فقد وصى به الله عز وجل في كتابه وقال: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) (النساء: 36)، وجاء في تفسير هذه لآية: أما الجار فقد أمر الله تعالى بحفظه والقيام بحقه والوصاية برعي ذمته في كتابه وعلى لسان نبيه، ألا ترى سبحانه أكد ذكره بعد الوالدين والأقربين، والجار ذي القربى أي القريب، والجار الجنب أي الغريب، وعلى هذا فالوصية بالجار مندوب إليها مسلماً كان أو كافراً، والإحسان قد يكون بمعنى المواساة، وقد يكون بمعنى حُسن العشرة وكف الأذى والمحاماة دونه. ووصى بالجار جبريل عليه السلام، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لما لاحظ أن جبريل عليه السلام يوصيه بالجار مراراً و تكراراً إلى الدرجة التي ظن فيها النبيُ أن ذلك تمهيداً لنزول حكم يُوّرث الجار من جاره. وأما النبي صلى الله عليه وسلم فقد ربط بين الجار والإيمان، فجعل من إيمان المرء إكرام جاره فقال صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره). ولم يستثن النبي عليه الصلاة والسلام من الجار أحدا حتى لو كان الجار يهوديا، فعن مجاهد أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ذُبحت له شاة في أهله، فلما جاء قال: أهديتم لجارنا اليهودي؟ أهديتم لجارنا اليهودي؟ كما حذر النبي عليه الصلاة والسلام أذية الجار، وجعل ذلك مما يُنقص إيمان المرء ويُضعفه فقال: (والله لا يؤمن؛ والله لا يؤمن؛ والله لا يؤمن) قيل ومن يا رسول الله؟ قال: (الذي لا يأمنُ جارُه بوائقه) أي لا يؤمن ولا يكتمل إيمانه من لا يَأمن جارُه شره وظلمه.