تشكل ''الصوف'' مادة رئيسية في ترتيبات الزواج في قالمة، والتي تعتمد عليها العروس في تجهيز مختلف مستلزماتها من ''وسادة''، ''مطارح'' وباقي أدق التفصيلات، لذلك فهذه الميزة تحسب ضمن المبلغ المخصص للمهر وتأخذ حصة الأسد منه، إلى جانب ''مقياس الذهب''، كما أن غسل الصوف أصبح تجارة مربحة للعائلات المعوزة، وهو ما شجع على انتشار الظاهرة بالولاية بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة. تحرص العائلات الفالمية كل الحرص على اقتناء النوع المتميز من صوف الأغنام، وهي إحدى العادات الضاربة عميقا في تاريخ المنطقة، ولم تستطع عجلة الحضارة التي مست المنطقة، أن تضفي أي تغيير يذكر على جهاز العروس. والغريب في الأمر أن مادة ''الجهاز'' هذه مكلفة للغاية، كما أن تحضيرها بدءا من غسلها وتنقيتها من مختلف الشوائب يتطلب من المشقة الكثير، ومع ذلك ما تزال المركبات التي تجوب الشوارع المحملة ب''الجهاز'' والتي تسبق حلول العروس ببيت زوجها بيوم أو أكثر، حيث يعتبر هذا التقليد إحدى العادات المتصلة بالمنطقة. وما تزال كلها تشكل تناغما لحياة سكان الولاية المحافظة، والتي رفضت مع تعاقب الأزمنة أن تتخلص من ثقل الموروث. ولذلك يقول بعض المقبلين على الزواج، أن الصوف أصبحت تشكل عبئا كبيرا من جانبها المادي والجهد العضلي الذي تتطلبه، ولذلك فهذا العمل لا يسند عادة لامرأة واحدة سواء أكانت أم العروس أو العريس، ولكن يحتم الأمر أن يشترك في العمل مجموعة من النساء، وتفضل العائلات الفالمية أن يتم التشاور بين الأصهار حول طريقة غسل الصوف في بداية التعارف بين العائلتين، والمفاضلة تبعا لما يتم التوصل إليه على الطريقة المثلى لمعالجة أمر الصوف، والتي تختار فيها العائلات إما منحها لبعض من يتولون ذلك وهو ما أدى إلى انتشار ظاهرة ''غسل الصوف'' في البيوت بشكل لافت في قالمة، في حين يفضل البعض الآخر من ذوي الدخل المحدود وفي محاولة منهم للحد من توسع دائرة المصاريف أن يتولوا بأنفسهم القيام بالمهمة وبمشاركة بعض الأقارب. ومن جهة أخرى، لا يقتصر غسل الصوف على البيوت وحدها، لكن بعض العائلات تفضل نقلها للأودية وخاصة ذات المياه الساخنة على غرار حمام أولاد علي، وحمام دباغ، حيث تقضي العائلات النهار بطوله منذ ساعات الصباح الباكر وحتى نهاياته حتى يفرغن من التنظيف التام، لتتولى النسوة بعد أن تجف الصوف عملية التنقية من الشوائب وتفريغها داخل أقمشة مختلفة بعضها يشكلون منه المطارح والبعض الآخر وسادات، وحتى قطع صغيرة للزينة.