تعالت أصوات ''أئمة الجمهورية'' هذه الأيام، بعد أن أمرتها وزارة غلام الله بحثّ التجار على ''الرحمة'' والتخفيف على المستهلكين مع اقتراب شهر رمضان، ليوفروا لعائلاتهم ''شربة فريك'' أو ''حريرة'' دون عناء. وشرع الأئمة فيما أمروا به، وأخذوا يسردون الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي ''تحرّم'' ما يمارسه التجار في حق مواطنيهم، من مضاربة ورفع للأسعار واحتكار، وغيرها من السلوكات، التي يحرمها الدين الإسلامي، وغيره من الديانات والأعراف السماوية والوضعية، ويمنعها أيضا القانون الجزائري، الذي يملك الآليات والوسائل، ويدفع رواتب لعشرات الآلاف من الأعوان المحلفين وغير المحلفين، ليفرضوا تطبيق هذا القانون. وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، التي أمرت الأئمة بأن يتحركوا، تتبع الحكومة، وهي ذات الهيئة التي تتبعها، أيضا، تلك الهيئات التي توظف وتدفع رواتب مستخدمين محلفين ليسهروا على تطبيق القوانين. ولا عيب في أن يستجيب الأئمة لتعليمات حكومتهم. لكن الواقع يذهب عكس ما جزم وزير التجارة أنه لن يحدث. وصرح قبل أسبوعين، وكله ثقة، أن الحكومة التي ينتمي إليها هو الآخر، اتخذت كل الترتيبات والإجراءات لتضمن للجزائريين صياما مريحا من ناحية النفقات. هذه الحكومة التي لا يقدر جيوش مستخدميها، برواتبهم وسياراتهم رباعية الدفع، وقوانينها الصارمة، في فرض ''احترام القانون على الأقل''، تستنجد بأئمة لم تمنع خطبهم بعض الجزائريين من استباحة دماء الذين يخالفونهم الرأي. هؤلاء الأئمة الذين هددوا، قبل شهرين، بالتظاهر في الشارع لأنهم هم، أيضا، لا يقدرون على ضمان ''القوت الكريم'' لعائلاتهم. وهم الأئمة ''الذين ترتبط مناصبهم بما يرفع عنهم من تقارير إلى وصايتهم، وغيرها من الهيئات. وهم الذين يعرف المترددون على المساجد التي يؤمون الناس فيها، أنهم أكثر الناس حاجة إلى ''الهدايا والهبات''، ليغلقوا بها الأبواب التي تتركها رواتبهم مفتوحة. تعرف الحكومة والجزائريون، جيدا، من يفرض ''سيطرة'' على السوق وعلى المستهلكين. وتعرف أيضا أنها غير قادرة بأدواتها وقوانينها، حتى أن تضمن للجزائريين فرصة ''التمتع بشربة، سواء فريك أو حريرة''، في رمضان وغير رمضان. ومع ذلك تستنجد بالذين يحدثون الناس كل يوم وكل جمعة عن الحلال والحرام. يستمع إليهم الجزائريون، لكن واقعهم يرفض أن يتغير. عندما تستنجد حكومة، يعني هذا أنها ''عاجزة''. لكن أويحيى، والذين يشكلون معه هذه الحكومة التي استنجدت بالأئمة، سيتنقلون في رمضان إلى قصر المرادية ليقولوا كلهم للذي عيّنهم، أن كل شيء بخير، وأن ''الشربة فريك في متناول الجميع''. وأن الجزائريين يصومون بالصحة والهناء. [email protected]