تستحضر عفاف (من البليدة)، في ربيعها التاسع، أوّل صيام لها بمنزل جدّتها التي خصّتها باحتفال مميّز بعد يوم حارّ، قضت فترة منه في تحضير طبق رمضان ب''الحشيوة''. بين الخلود للنّوم تارة، واللّعب رفقة أقرانها تارة أخرى، تقول عفاف ''أوّل تجربة لي مع الصيام كانت العام الماضي، واقترنت بطرحي لسؤالٍ واحد ووحيد لجدّتي: كم بقي من الوقت كي يؤذن المغرب؟''. كانت تردّ عليّ بلطف وتصِفُ لي ما ينتظرني من تقليد مميز وأصيل تزخر به مدينة الورود، يبرز أهمّ معالم ترسيخ فريضة الصيام. وكم كانت المفاجأة رائعة تضيف عفاف عندما أشركتني جدّتي في إعداد الأطباق الرمضانية، حيث أحضرت لي ''الحشيوة''، وهي عبارة عن أواني صغيرة الحجم تستعملها الفتيات في الطهي. فبعد يوم كلّل بأدائي لصلاتي وتحضيري لشوربة المقطفة رفقة خالتي صبرينة، أفطرت فوق سطح المنزل على كوب من مشروب ''شربات الليمون'' الممزوج بماء الورد المقطر، وُضع بداخله خاتم من فضّة. تقول جدتي عن ذلك ''كي أكبر على الصفاء ونقاوة القلب وعلوّ الشأن''. بعد ذلك، تهاطلت عليّ ''التاوسة'' أثناء تناول وجبة الإفطار، واكتملت الفرحة بحضور أمي في سهرة صنعتها بهجة الاحتفال بأوّل صيام لي، اختارت عائلة والدتي أن يكون ببيتها لتعيد للزّمان تقاليد أيّام الأُنس، حيث ارتديت لباسا تقليديا وتزيّنت بالحناء رفقة قريناتي على وقع ''التقدام'' (مديح ديني).