إنّ الإسراف والتبذير خلال شهر رمضان، عادة يتفق الجميع على أنّها مذمومة، حيث أصبح الصّائم يُحمّل نفسه ما لا تطيق، كأن يقترض مالاً من الأقارب أو الأصدقاء، أو كأن يقتني حاجياته من المحلات مع تأجيل تسديد ما عليه من دَيْن إلى وقت لاحق، الأمر الّذي يفقد رمضان خاصيته، ولأجل هذا كان لقاء مع مختصين لتحليل الظاهرة. شدّد الشيخ مأمون القاسمي، عضو المجلس الإسلامي الأعلى وشيخ زاوية الهامل ببوسعادة، على أنّ هذا السُّلوك ضلال وانحراف عن جادة الصواب، وبُعْدٌ عن منهج الإسلام الحق ومقاصده من هذا الصّيام الّتي من خصائصها الصبر والاجتهاد في الطاعات، لأنّ المطلوب منّا هو تزيين بيوتنا بمائدة القرآن والتّقوى ومختلف الطاعات لا مائدة المآكل والمشارب.وأكّد شيخ زاوية الهامل أنّ من خصائص رمضان أنّه شهر الصبر، وأنّ الصبر هو حبس النّفس عن شهواتها بالصّيام، بأن يجعل نفسه تتحمّل مشقّة الفاقة والابتعاد عن مألوفات النّفس، ولأنّه من أشدّ الطاعات، ولذلك كان جزاؤه الجنّة أو كما قال عليه الصّلاة والسّلام. وأوضح الشيخ القاسمي أنّ الكثيرين يختزلون رمضان في تنويع المآكل والمشارب، حيث يقبَل النّاس فيه على شهواتهم ويطلقون لها العِنان ويُبالغون في إعطاء أنفسهم ما تشتهيه، فيُفرطون في الأكل والشُّرب ما يجعلهم يتكاسلون عن أداء الطاعات من صلاة في وقتها ومع الجماعة وتلاوة القرآن الكريم وذِكر الله عزّ وجلّ والصّدقة وغيرها، مستنكراً -في نفس الوقت- إعراضهم عن فضائل رمضان ونفحاته الكثيرة وانشغالهم بهذه الشّهوات الّتي تدفعها نفوسهم الضعيفة. كما استنكر فضيلته انشغال الكثير من النّاس بالحديث عن الأكل وعن أسعاره في رمضان، بينما كان الأولى الحديث عن أسرار التّقرّب إلى الله عزّ وجلّ والاشتغال بمقاصد وفضائل هذه الشّهر الكريم في ظلّ الأجواء الإيمانية الّتي تسود بيوت الله عزّ وجلّ وبيوت المسلمين وساحاتهم وحتّى أسواقهم. ودعا عضو المجلس الإسلامي الأعلى، المواطنين، إلى اجتناب هذه العادة السيِّئة، وأن يتّقوا الله في ذلك، وإلى تحويل رمضان من شهر الأهواء والشّهوات إلى شهر العبادات والطاعات. من جهته، أفاد الدكتور رابح درواش، أستاذ علم الاجتماع بجامعة البليدة، أنّ تركيز المواطن على الجانب الغذائي يعود لسبب غياب الإيمان وغياب ثقافة الصوم، مؤكّدًا أن الاندفاع البطني والاستهلاك مردّه إلى الجانب النّفسي. وأشار الدكتور درواش، أن تغيير استهلاك المواطن في شهر رمضان يعود لعدة عوامل وهي: العامل النفسي، خاصة في ظلّ غياب الروح الدينية المبنية على القناعة والعبادة. عامل الإعلام، من خلال تركيزه على الجانب الاستهلاكي فقط دون الجانب الروحي. عامل التّقليد، حيث تجد الفئة الدُّنيا والمتوسطة تُقلِّد فئة الميسورين والأغنياء في طبيعة الاستهلاك، وحتّى لو ذهبت إلى المديونية. وأخيراً عامل التجار، ودوره في توجيه ثقافة الاستهلاك من حيث جلب أشكال متنوعة من السلع وطبيعة عرضها وتسويقها، تجعل المواطن يتلهّف على استهلاكها رغم قلّة مدخوله.